ارتفاع أسعار مستلزمات الصيد نحو 30 ضعفاً وصعوبة تأمين مادة المازوت للمراكب أبرز صعوبات مهنة الصيد باللاذقية .. نقابة عمال النقل البحري: نحو 1850 مركب صيد بالمحافظة تعتاش منها نحو 3000 عائلة

الوحدة : 12-11-2020

لم تعد مهنة صيد الأسماك موئل رزق وفير لصيادي اللاذقية، كما في الأيام الخوالي، فالهمّ وضيق الحال اليوم،  بات يصطاد الجميع بشباكه، نتيجة غلاء المعيشة، والظروف الاقتصادية الصعبة، التي يتأثر بها معشر الصيادين ، كما هو حال جميع السوريين.

الأسباب كما يقول صيادو مرسى ابن هانئ عديدة، وأهمها الارتفاع غير المسبوق في أسعار وسائل الصيد، وخاصة الشباك التي لا تستوردها الدولة، ويتم تأمينها تهريباً عبر لبنان، إضافة الى ارتفاع أسعار المراكب، وأجور إصلاحها، ناهيك عن صعوبة تأمين مادة المازوت لها، والذي لا تكفي مخصصاته بالأسعار المدعومة،  التي يتم تأمينها من شركة المحروقات عبر نقابة عمال النقل البحري لاستمرار العمل، فيما  يتم الحصول عليه في أغلب الأحيان من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة لا طاقة لهم بها، كما أوضح الصيادون للوحدة.

يقول الصياد أحمد زكور: ورثت مهنة الصيد عن عائلتي، ونعمل ضمن المياه الإقليمية السورية، وأبرز معاناتنا اليوم، تتمثل في صعوبة الحصول على مادة المازوت، لتأمين احتياجات 5 مراكب نمتلكها وإخوتي، ونحصل كل 10 أيام على نحو 60 ليتراً بالسعر المدعوم، وهي كمية غير كافية لمزاولة المهنة، ما يدفعنا لشراء المادة من السوق السوداء بسعر 15 ألف للبيدون الواحد، وهو أمر انعكس علينا سلباً، ودفعنا لإيقاف العمل منذ أكثر من شهر، مشيراً إلى أن الصيد يبدأ من 15 أذار، وحتى نهاية شهر تشرين 1، وهو ذروة موسم الصيد، الذي تصل فيه كميات من السمك المهاجر الى المياه السورية، قادماً من البسيط وصولاً إلى طرطوس،  وكل شهر تدخل مجموعة جديدة من السمك، ومنها البلاميدا والسردين، والغبص،

مؤكداً أنه ومنذ العام 2001 يعاني من بعض القرارات المتصلة بالصيد، والصادرة عن الهيئة العامة للثروة السمكية، بخصوص فترات المنع، الامر الذي ينعكس علينا سلباً بسبب هجرة السمك خارج المياه الإقليمية، وعدم استفادة الصيادين منه، لافتاً إلى أن أسعار السمك يتم تحديدها وفق قانون العرض والطلب بالسوق، والتاجر في ساحة السمك هو المستفيد الأكبر، والصيادون يحصلون على السعر الأدنى، وبالتالي الصياد لا يحصد ثمن تعبه، إضافة الى تكاليف الصيد المرتفعة كما أسلفنا، وخاصة أجور إصلاح المراكب.

الصياد عبد القادر قعقع أكد أنه يمارس مهنة الصيد منذ 30 سنة، ويبدأ العمل من الخامسة صباحاً باستخدام الجرجارة وهي عبارة عن صنانير وخيط، ويبحر نحو 10 كم بالعرض من مرسى ابن هانئ، و يصطاد في العادة أسماك البلاميدا، وهناك شباك خاصة لاصطياد الأسماك العائمة، وأحياناً هناك صيد جيد يصل إلى 15 كغ في اليوم، وقد ينخفض الصيد الى سمكة واحدة فقط، منوهاً بوجود أنواع عديدة للسمك كالبلاميدا، والسردين، والرنكة، والسلمورة، والسلطان إبراهيم، والغريبة، والانتياس، والغزلان، وغيرها، والأنواع متغيرة بحسب مواسم الصيد، وبشكل عام السمك قليل خاصة عن طريق الشباك، وأبرز صعوبات العمل هي تأمين مادة المازوت، وهو ما يمنعنا من الخروج للصيد، إضافة إلى ارتفاع سعر الشباك، والصنانير، والماكينات الخاصة للصيد، بسبب ارتفاع سعر الصرف، كما نطالب بتأمين المراكب في الميناء ضد  السرقات، خاصة الشباك، وهناك أحد الصيادين سرقت شباكه وسعرها يصل إلى نحو مليوني ليرة، لافتاً إلى تراجع مردود مهنة الصيد باللاذقية، والمطلوب منع استخدام الدونميت الذي يقضي على الحياة السمكية والبذرة في أماكن التفجير، ومنع الجرف والأقفاص والصيد بالبيل، وهناك حالة استنزاف للثروة السمكية، وحالياً لا نتناول السمك إلا كل 15 يوماً.

من جانبه قال الصياد شحادة أبو قرعة: مهنة صيد السمك تمر بظروف صعبة قياساً بالماضي، إذ تراجعت كميات السمك الموجودة، وارتفعت أسعار عدة الصيد بما فيها الشباك، التي يتم تأمينها غالباً من السوق السوداء، وهناك موضوع المحميات، التي تم من خلالها استزراع أنواع من السمك كأسماك البالون أو النفيخة التي تكاثرت ، وتتسبب بقطع الشباك وتنعكس علينا سلباً، وحالياً نصطاد باستخدام الشرك أسماك التراخور، والسمكة الطيارة، مشيراً إلى أن مرود الصيد لا يتناسب مع مصاريفه، فالطعم على سبيل المثال مكلف حيث نستخدم لذلك الصبيدج أو الاخطبوط وسعر الكيلو منه 5 آلاف، وفي حال  عدم وجود مردود من الصيد يترتب على الصياد التزامات مالية لا طاقة له بها، منوهاً بأن محركات المراكب تختلف أنواعها، وقياساتها، وبالتالي يتطلب بعضها استخدام كميات أكبر من المازوت، وهو موضوع يجب أخذه بعين الاعتبار، مؤكداً أن الصيد هو مهنة وقبل ذلك هو علم، وأن الصيادين يترقبون النشرة الجوية قبل الذهاب إلى الصيد، ويتابعونها في المواسم،  يراقبون حركة التيارات البحرية، واتجاه الرياح أيضاً يلعب دوراً في ذلك، كما يجب أن يتحلى الصياد بالخبرة المطلوبة، وحالياً هناك تجهيزات معينة ترصد حركة الأسماك، وهي غير متوفرة لدينا بسبب ارتفاع تكاليفها، منوهاً بأن وضع الصيد والصيادين في دول الجوار أفضل، وفي تركيا على وجه الخصوص، والكميات الموجودة في المياه الإقليمية السورية قليلة، ولا تؤمن إلا مصدر دخل بسيط للعاملين في مهنة الصيد، إضافة الى سعر الشباك، الذي تصل كلفته في العام إلى نحو مليون ليرة سورية، ويبلغ سعر الشبكة الواحدة 50 ألف ليرة سورية.

من جانبه قال عضو مكتب نقابة عمال النقل البحري والمشرف على عمل لجنة الصيادين صبحي بكو للوحدة: لدينا في محافظة اللاذقية نحو 2000 صياد، و1350 مركباً عاملاً، منها 670 موزعة ما بين ميناء الصيد والنزهة، ومرسى ابن هانئ، وبرج إسلام، والبسيط 128 مركباً، ونحو 140 مركباً في ميناء صيد جبلة، موكداً وجود مطالبات  منذ العام 2002 لإنشاء المزيد من مرافئ وموانئ الصيد، وتحديداً في مرسى ابن هانئ موضحاً إن هناك آلاف الأسر اللاذقانية التي تعتاش من مهنة الصيد، بما فيها أسر المهن المتممة، مشيراً إلى صعوبات في تأمين مادة المازوت، والتي يتم تأمينها منذ العام 2019 عبر البطاقة الذكية، والمخصصات تحسب وفق نوع محرك المركب،  المازدا 168  ليتر شهرياً،  والبتر 150 ليتراً، والفولفو 180  ليتراً، وهذه الكميات توزع على 3 دفعات شهرياً، وحالياً هناك صعوبات في تأمين المخصصات الكافية من شركة المحروقات، منوهاً بارتفاع أسعار وسائل الصيد إلى أكثر من 30 ضعفاً، حيث يصل سعر الشبكة الواحدة إلى 50 ألف ليرة،  تدخل البلاد تهريباً، وأن الارتفاع طال تصليح المراكب، وتحصينها التي تضاعفت نحو 15 ضعفاً، مشيراً إلى أن مردود الصيد تراجع نتيجة الظروف الحالية، فسعر كيلو البلاميدا يصل إلى 3800 ليرة وهي غير متوفرة بالكميات المطلوبة، آخذين بعين الاعتبار طول السواحل السورية، والبالغة 183 كم فقط ، وعدم وجود رصيف قاري، وعلى سبيل المثال في مرسى ابن هانئ، وبعد الإبحار لمدة 5 دقائق  تصل إلى أعماق 200 متر فما فوق، وهي عوامل غير مساعدة في صيد السمك، يضاف إلى ذلك المنشآت السياحية الشاطئية، والمناطق العسكرية التي يمنع الصيد قبالتها، إضافة إلى الصرف الصحي في البحر، وإغلاق السدود المائية التي كانت تؤمن مادة الطمي التي تتغذى عليها الأسماك، إضافة إلى عامل الملوحة الزائدة لافتاً إلى أن مهنة الصيد متوارثة أباً عن جد ومن يعملون بها غير قادرين على ممارسة مهنة أخرى، وإن 95 % من الصيادين تشكل المهنة لهم مصدر دخل وحيداً، وأن مواسم الصيد  ووسائله متنوعة كالصيد (الشنشلا) التي تعتمد على موسم الصيف، وخاصة ليلاً، وذلك من شهر 4 وحتى شهر 10، وعملياً فترة الصيد تقتصر على 3 أشهر فقط، يضاف إلى ذلك فترات منع الصيد، الأولى من منتصف شهر 3 إلى منتصف شهر 4، وهي فترة التكاثر، والفترة الثانية من منتصف شهر 7 إلى منتصف شهر 8  وهي فترة النمو، وللأسف ومن خلال المتابعة مع الصيادين، لا يوجد بذور سمك خلال هذه الفترة أو تكاثر، ونطالب بإلغاء فترة المنع، أو تطبيق المنع على كافة مراكب ووسائل الصيد، وهناك صيد جائر بالمحصلة، وخاصة موضوع الجرف البري كما هو حاصل في منطقة الصنوبر، وهو أمر ضار للثروة السمكية والأحياء البحرية، مؤكداً إن الصيد عن طريق الأقفاص أيضاً يتسبب بتآكل الثروة السمكية، وهناك أخبار عن وجود صيد بالدونميت ، وهو أمر نطالب بمنعه بالتعاون مع  الموانئ، لكن هناك وسائل وطرق  يلجأ إليها من يقومون بذلك تحتاج إلى متابعة،

ولفت بكو إلى أن الصيد عن طريق جرف القاع  موجود خاصة أيام الضباب والجو الماطر، وتعمل على مسافات 6 ميل فما فوق، وهناك 10 مراكب تعمل بالصيد بالجرف، مشيراً إلى أن تراجع الثروة السمكية في المياه الإقليمية جاء نتيجة تضافر العوامل السابقة، مع تضاعف عدد العاملين بالصيد والمراكب، والحالة الاقتصادية والبطالة، ويفترض في مهنة الصيد البحري ألا تتم الموافقة على الصيد إلا للصيادين العاملين، والمنتسبين للنقابة، أو من خلال تذكرة صيد بحري، ووفق ضوابط معينة، وحالياً للأسف لا توجد أية ضوابط !

من جانب آخر أكد رئيس نقابة عمال النقل البحري سمير حيدر للوحدة سعي النقابة لتنظيم شؤون الصيادين، الذين يبلغ عدد المنتسبين منهم الى النقابة نحو 400 منتسب، مع السعي لتنسيب صيادي ميناء جبلة، كما هو حال الصيادين في ابن هانئ والبسيط ، وميناء الصيد والنزهة، وبرج إسلام ، وبالتالي تحسين ظروف عملهم،

مؤكداً إن أبرز مطالب صيادي اللاذقية هي تأمين مادة المازوت بالسعر المدعوم،  وبالمتابعة مع المحافظة و(سادكوب)  قمنا بتنظيم عملية منح المازوت للمستحقين قدر الإمكان، وتم تكليف رئيس اللجنة النقابية بالإشراف على التوزيع، وأحياناً هناك معاناة في تأمين المخصصات و نقص الكميات التي يتم تزويدها من قبل شركة المحروقات، موضحاً إن عدد المراكب الموجودة باللاذقية يبلغ 1850 مركباً، تعتاش منها نحو 3000 عائلة، وإن بعض الصيادين لديهم مخصصات تعبئة مباشرة، وهناك شكاوى بهذا الخصوص، وتوجد حالات ظلم، وبدورنا طالبنا بالإشراف وتنظيم هذه العملية، وفق الاحتياجات ، والعمل على أرض الواقع، مشيراً إلى تأمين 100 جرة غاز بشكل شهري للمراكب التي تطول فترات مكوثها في الصيد، وحالياً تم إيقاف هذا الأمر، من قبل لجنة المحروقات، وحالياً طالبنا بإعادة منح أسطوانات الغاز بمعدل 50 جرة شهرياً، وحتى تاريخه لم تتم الموافقة على الأمر، رغم مطالبات الصيادين بتأمين هذه الكميات، خاصة من المراكب العاملة في الصيد ضمن المياه الإقليمية والدولية، لافتاً إلى السماح للمراكب السورية العاملة في الصيد بالمياه الدولية، والبالغة 22 مركباً، بالعمل ضمن المياه الإقليمية، والتي تعرضت خلال الفترة الماضية لمضايقات من الجانب التركي، حيث سعت النقابة لتأمين الموافقة من الجهات المعنية في المحافظة والموانئ والثروة السمكية، وصدر قرار بذلك عن السيد وزير الزراعة لمدة 6 أشهر، تم تجديدها حتى نهاية العام الجاري 2020، إضافة إلى السماح للمراكب العاملة بالجرف بالعمل في المياه الإقليمية، بعد فترة من التوقف عن العمل، وذلك اعتباراً من مسافة 6 ميل فما فوق، وذلك نظراً لوجود ثروة سمكية في هذه المناطق يمكن الاستفادة منها محلياً، وهو أمر انعكس ايجاباً على توفر السمك بالأسواق، وحصيلة الصيد أحياناً تصل إلى نحو 30 طناً، ما يسهم في توفر المادة بالأسواق ، وبأسعار مقبولة.

تمام ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار