هي فاكهة تغني الطفل عن حليب أمه.. البطاطا الحلوة محصول استراتيجي محلي موطنه السرسكية

الوحدة 29-10-2020

 

يبدو أن الأقدار شاءت أن تكون الطبيعة بألوان وأشكال وتربة مختلفة، فكما أن هناك دولاً محترفة بزراعة الموز هناك دولاً أخرى ملتزمة بزراعة البن أو دولاً أخرى تعتمد على زراعة النخيل أو الزراعات الاستوائية، في بلدنا هناك مناطق شاسعة كحقول محافظة درعا تشتهر بزراعة البندورة، ومنطقة السلمية في حماة تشتهر بزراعة البصل، والكسوة بريف دمشق تشتهر بزراعة الثوم، والفستق الحلبي وموطنه حلب وإدلب .. إلخ،  حتى نصل إلى بقاع وأراضي محافظة اللاذقية، بغض النظر البرتقال، فبرج إسلام والصليب تشتهر بالزراعات الباكورية وكذلك مناطق وأراضي بللوران مشهورة بزراعة الخيار ذي النوعية الفاخرة، ونصل إلى بيت القصيد السرسكية والمناطق المحيطة بها، حيث أراضيها تحتضن فاكهة البطاطا الحلوة، وهي تتفرد بهذه الزراعة نظراً لطبيعة تربتها الخفيفة الغنية بالمواد العضوية.

 

وفي هذا الإطار كان لا بد من الاطلاع على آراء المهتمين وتحديداً من مديرية زراعة اللاذقية (دائرة الإنتاج النباتي- شعبة الخضراوات) حيث التقت الوحدة مع م. فادي كزعور، مؤكداً أن هناك حوالي ٥٠ هكتاراً تزرع بالبطاطا الحلوة موزعة على السرسكية وما حولها نظراً لأن التربة تلائم هذا النوع من الفاكهة وهي تزرع بالعروة الصيفية، وأضاف كزعور أنه تتم زراعتها بمنتصف الشهر الثالث (آذار) ويبدأ الإنتاج منتصف الشهر السابع، حيث يتم غرسها عن طريق الشتل بالعُقل وتوزيعها على الحقول، وتحتاج إلى ثلاث ريات وتسميد أثناء فترة النمو الخضري، وهذه الفاكهة بحاجة إلى رشات وقائية وخاصة من الأمراض الفطرية والعمل على مكافحة فأر الحقل الذي يقوم بقرض جذورها، علماً أن مديرية الزراعة قامت العام الماضي بعملية مكافحة لفأر الحقل على مستوى المحافظة، وترشيد الفلاحين بضرورة التوجه إلى الوحدات الإرشادية لتزويدهم بمواد مكافحة الفأر وأخذ الإرشادات الضرورية بخصوص الزراعة.

وتعد البطاطا الحلوة غنية بالسكريات والنشويات والمعادن، وهي تدخل بصناعة الحلويات الشعبية مثل (اللقمة الحلوة) وهي خليط سلق البطاطا الحلوة مع السميد وقليل من الخميرة، حيث توضع في الفرن حتى احمرارها ثم إخراجها وسكب القطر فوقها بعد تقطيعها وتناولها ساخنة.

 

وكان لا بد من لقاء ذوي الشأن من المهتمين والممارسين لهذه الزراعة، حيث التقت الوحدة مع كبير مزارعي البطاطا في السرسكية السيد حسين فضة وهو المنتج الأول على مستوى القطر، حيث أكد أن البطاطا الحلوة هي سلة غذائية متكاملة، تحتوي على عناصر هامة لصحة الإنسان ويتم استخدام المجموع الخضري علفاً للحيوانات، وأضاف أن هذه الفاكهة هي الوحيدة التي تغني الطفل عن حليب أمه نظراً لوجود عناصر غذائية متشابهة مع عناصر تركيب حليب الأم وهي المغنيزيوم والبوتاسيوم والفوسفور والحديد والزنك، وأكد السيد فضة أنه يقوم بزراعة حوالي ٢٦ هكتاراً من البطاطا الحلوة حيث يقوم بتمويل الأسواق المحلية جميعها بالإضافة إلى تصدير هذه الفاكهة إلى أسواق الأردن والعراق ولبنان وهذا الإنتاج ذو نوعية ممتازة من الصنف الأميركي الفاخر، ويقوم العمال هذه الأيام بقص العُقل الجيدة والسليمة وشتلها ضمن محميات بلاستيكية حيث تتم العناية بها لبداية شهر نيسان ثم يتم قص العُقل وغرسها في الحقول المخصّصة والعمل على تزويدها بالأسمدة الآزوتية المطلوبة لتنتج مجموعاً خضرياً سليماً وقوياً ومن خلاله يتم توزيع عُقله على باقي المساحات الزراعية، (علماً أنه المزارع الوحيد الذي وضعها ضمن بيوت بلاستيكية) حيث يتم تحضير الأراضي لاستقبال شتول هذه الفاكهة، بالإضافة إلى أنه يتم سقاية الحقول بمعدل مرتين في الشهر وتسميدها بأسمدة الفوسفور والبوتاس، وبعد فترة ١٠٠ يوم من الزراعة يتم توقيف الري حيث تقوم مجموعة من العمال على حصد المجموع الخضري واستخدامه كمصدر غذائي مهم للماشية، وفي شهر تشرين يقوم العمال بقلع المحصول وتجميعه ضمن أكياس كبيرة مهواة لنقلها إلى المستودع المخصّص لتخزينها، ومن الضروري أن يكون المستودع بحالة معتمة تماماً حتى لا تتم عملية التركيب الضوئي على الفاكهة وذلك لتوزيعها حسب رغبة الأسواق التجارية، أما عن الصعوبات التي تواجه هذه الزراعة فتتمثل فقط بصعوبة تأمين الأسمدة الضرورية والوقود لتشغيل المحركات والجرارات، وأوضح السيد حسين أنه ابتكر عملية سقاية الشتول بطريقة التطويف والرذاذ وتوضيب المحصول بطريقة مميزة حيث خصّص عبوات محدودة الوزن ٥ – ١٠ كغ لتسهيل عملية التسويق وعرض المنتج ، والعمل على توزيع الشتول على الفلاحين بشكل شبه مجاني ومدّ المزارعين بمتطلبات الري بالتنقيط بسعر التكلفة لتخفيف العبء المادي عليهم.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار