الصيادلة أسقط في يدهم.. والمستودعات تتهم المعامل.. والمريض يبحث عن أدويته

الجمعة 5 حزيران 2020

في خضم أزمة الغلاء الفاحش التي يعانيها الجميع، وتضاعف أسعار كل السلع، أرخت أزمة الدواء حملها الثقيل على كاهل المواطن المريض، وهي أصعب من أية أزمة، ففي الوقت الذي يستطيع المواطن تأمين حاجياته من السلع والأكل والشراب – طبعاً و بشق النفس- لديه إمكانية استبدال سلعة بسلعة أقل ثمناً أو صنف طعام بآخر تحت ضغط الحاجة والقدرة الشرائية، يقف عاجزاً أمام الدواء، فهنا لا بديل ولا مفر أمامه – إلا الدواء- وبالتالي فنقص الأدوية بل وانعدامها يشكل الهاجس الأكبر للجميع ويشكل خطورة على حياة المرضى، وخاصة كبار السن وممن لديهم أمراض مزمنة ويأخذون أدوية معينة باستمرار كأمراض القلب والسكري والضغط والغدد والمضادات الحيوية والربو والتحسس، ومؤخراً يعاني الجميع من مشكلة عدم توفر الدواء وانعدام أدوية بعينها من الصيدليات وهي أدوية مهمة، وطبعاً لا ننسى قضية إقبال البعض على شراء الدواء بكميات كبيرة عندما علم بقصة انقطاع الدواء خوفاً من أن يبقى بلا دواء شأنه في ذلك كما عندما يتهدد توفر وجود أي سلعة أخرى غذائية وغير غذائية وضرورية فيعمد إلى الاستحصال عليه وتموينه بكثرة.
حول هذا الموضوع قمنا بجولة على عدة صيدليات لنقف على أسباب هذا الأمر، وهناك التقينا بالكثير من المواطنين الذين عبروا عن امتعاضهم وقلقهم
سيدة سبعينية على العكاز آثار التعب والإنهاك تبدو عليها ومجرد سؤالها عما تريد من الأدوية: قالت أنا لدي سكري وضغط وهذه هي الصيدلية الخامسة التي ترددت عليها ولم أحصل على علبة دواء مع أنني طلبت من أكثر من شخص معارف وأقارب ليشتروا لي الدواء من أماكن أخرى ولم نفلح وأنا أعيش على الدواء، بالنسبة للسكري أتبع الحمية، أما الضغط فماذا أفعل؟
سيدة قالت أنا أبحث عن أدوية قلبية لأبي الذي أجرى عملية قلب مؤخراً ولم أستطع تأمين أدويته.
السيدة دلال قالت: أبحث عن أدوية الغدة من خمسة أيام ولا أجدها.
والكثير الكثير من أمثلة هؤلاء الذين التقيناهم يجدون السير بحثاً في الصيدليات عن الأدوية دون جدوى.
الصيدلي علاء قال: منذ أسبوعين وأنا أبيع أدوية دون أن يدخل صيدليتي أية علبة دواء واحدة وإذا ما استمر الوضع على هذا الحال فأنا بفترة قريبة تنفد الأدوية من صيدليتي وأغلقها، وتبلغ نسبة الأدوية التي انقطعت أو بالأحرى التي لا ترسلها لنا المستودعات حوالى 65% وأغلبها للأمراض المزمنة.
صيدلانية في جبيبات غربية رفضت ذكر اسمها قالت: معظم الأدوية التي يكثر طلبها غير موجودة وأغلب المستودعات لا توزع بل وتمتنع عن البيع بحجة عدم توفر الأدوية وأن المعامل أغلقت أبوابها وحجتها أنها تقع تحت الخسارة لذلك تمتنع عن التصنيع أو أنها تصدر أو تهرب إنتاجها خارج القطر والأخيرة – أي التهريب- مجرد تكهن…
في صيدلية أخرى بمدينة اللاذقية قال الصيدلاني: لا توزع علينا الأدوية التي نطلبها أو التي عليها طلب من قبل المرضى، لدينا في الصيدلية أدوية كثيرة لكنها غير مطلوبة، وحجة المعامل محقة في رفع السعر فهناك أدوية كثيرة لا يتعدى سعرها الخمسمائة أو الثلاثمائة ليرة، وإذا ما قارنا هذه الأسعار بأسعار سلع ثانية في السوق نجد أنها رخيصة ولا تغطي أجور تصنيعها وتوزيعها في ظل الغلاء الجنوني للأسعار ومعلوم أن المواد الأولية كلها مستوردة وبالقطع الأجنبي.
في صيدلية أخرى بجبلة كان سلوك العاملين بها إنسانياً، يجب أن ينسحب على جميع الصيدليات، حيث طلبت إحداهن أكثر من علبة من نفس الدواء فلم تعط إلا علبة واحدة وردوا عليها: هناك آخرون مثلك يحتاجون نفس الدواء.
إلى هنا وآراء الصيادلة كلها تصب في نفس المنحى من حيث عدم تزويدهم بالطلبيات من الأدوية من قبل المستودعات والمندوبين مقابل الطلب المتزايد من المواطنين على الأدوية وكما قلنا لأنواع معينة من الأدوية- أدوية الأمراض المزمنة- ولمصداقية ما ذهب إليه المواطنون والصيادلة تواصلنا مع أحد مستودعات الأدوية الذي قال: لن نذيع سراً إذا قلنا هناك نقص واضح في الأدوية وأدوية معينة بذاتها -أدوية الأمراض المزمنة للأسف- أما عن دوامنا فنحن لم نغلق المستودع أبداً ودوامنا منتظم كالعادة وهناك مستودعات ترفض البيع والتوزيع وعن قضية تحميل بعض الأدوية التي لا يطلبها الصيدلي قال: نحن نتبع عملية توزيع الحصص بشكل متساو لكل صيدلية، لا نستطيع أن نعطي أحداً زيادة عن الآخر من أجل عدم قطع الدواء عن أحد وإعطائه لآخر، والأدوية لدينا بالمستودع تغطي بأحسن الأحوال تقريباً مدة شهر فقط بغض النظر عن انعدام وجود أدوية معينة، إذاً المشكلة ليست لدينا، إنما عند المعامل.
وفي المعامل حاولنا الاتصال بأحدها وأعطونا مواعيد للاتصال بحجة الانشغال ورغم كل المحاولات لم يردوا علينا.
حملنا كل الملاحظات وتواصلنا بالدكتور محمود شبار نقيب صيادلة اللاذقية، الذي أكد أن المستودعات كلها تعمل وكما السابق ولم يطرأ أي جديد على عملها ونحن مسؤوليتنا تنحصر بعمل المستودعات ومراقبتها ويومياً نقوم بجولات ميدانية – لجنة 29/ت – بمشاركة مديرية الصحة ودائرة الرقابة الدوائية وأي مخالفة بالإغلاق أو عدم البيع أو الاحتكار نفرض عقوبات صارمة وهنا تنحصر مسؤوليتنا، أما عن عدم إرسال الدواء والمندوبين فهذا ليس من صلاحياتنا ولا نستطيع فرضه على المستودعات، وأما قضية المندوبين فقد تكون أثرت على توفر الدواء بالصيدليات بالعطلة الطويلة للعيد وإجازات المندوبين التي استمرت بعد العيد، إنما الدواء موجود بالمستودعات وعلى الصيادلة قصدها وأخذ ما يحتاجون، لماذا لا يأتي الصيادلة إلى المستودعات ويأخذون حاجتهم؟ لماذا ينتظرون المندوب؟
و أضاف الدكتور شبار: أرسلنا كتباً لوزارة الصحة وللنقابة المركزية بأسماء المعامل المتوقفة عن تزويدنا بالدواء والأصناف غير المتوفرة بالمستودعات، وكتباً لمديرية صحة اللاذقية وفرع الحزب وكلها مزودة بأصناف الدواء غير المتوفرة والقضية كلها قضية وزارة ومعامل، كذلك لا ننسى أن هناك شركة معروفة جداً وتنتج أدوية القلب إضافة لما يزيد عن مائة صنف ومنتجها معروف ومطلوب كثيراً بكل سورية توقفت كلياً عن الإنتاج – يوني فارما-
بعد كل ما سبق يتضح أن المعامل هي وراء أزمة الدواء متذرعة بأن الأسعار الحالية لا تتوافق وأسعار التصنيع وشراء المواد الأولية بالقطع الأجنبي، وهنا يتجلى دور وزارة الصحة – الكرة بملعبها حسب الصيادلة وأصحاب المستودعات- وما تجترح من حلول نتمنى ألا تكون على حساب أمراض وآلام وجيوب المواطنين.
بقي أن نقول لمن يلهث وراء تأمين الدواء أن يتذكر أن غيره بحاجة مثله للدواء كما ولا ينسى أن تجميع الدواء لديه ليس من مصلحته كونه له تاريخ لانتهاء الفعالية، وبالتالي يخسر كل ما يشتريه زيادة عن حاجته بظل الأمل الكبير بألا تطول هذه الأزمة وتلقى طريقا لحلها.

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار
إصابة ثمانية أشخاص وأضرار مادية جراء عدوان إسرائيلي استهدف معبر مطربا على الحدود مع لبنان لتقديم الخدمات المصرفية… المركزي يوعز للمصارف وشركات الصرافة بالتوجه إلى المعابر الحدودية مع لبنان الحرارة إلى ارتفاع غداً وأجواء معتدلة على المرتفعات الجبلية ليلاً تفويض وزيري دولة بممارسة صلاحيات واختصاصات الوزير المختص التي يمارسها رئيس مجلس الوزراء الخارجية: عدوان الاحتلال على المنطقة يعكس استمرارية العقلية الإجرامية لديه واستهتاره بالقانون الدولي الوزير صباغ يبحث في نيويورك مع عدد من نظرائه التعاون الثنائي والتصعيد الإسرائيلي في المنطقة وزيرة العمل: ضرورة جهوزية مديريات الشؤون في المحافظات المعنية لاستقبال الوافدين من لبنان المؤسسة العامة لإكثار البذار تحدد سعر مبيع بذار الشعير للفلاحين الوزير صباغ: عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء لردع الاحتلال الإسرائيلي شجعه على تصعيد عدوانه على الشعب ... المقاومة اللبنانية تستهدف مجمعات الصناعات ‏العسكرية في منطقة ‏زوفولون شمال حيفا المحتلة