الوحدة:5-4-2020
بالتأكيد، لا أحد كان يتمنى أن تداهمنا الكورونا، ولكنها جاءتنا، ومعها الموت الزؤام لكل من يخالف القواعد العامة للوقاية، ولكن كيف جاءت؟!
ثمة آراء سياسية وصحية كثيرة حول مجيئها، والسؤال: هل ثمة متغيرات ثقافية وسلوكية وصحية واجتماعية ستكون لهذا النزيل الثقيل الظل والموجع، كما يحدث عادة إثر حدث له تأثيراته العميقة على الحياة؟!.
في رأيي ثمة متغيرات إيجابية ستحدثها فينا أزمة الكورونا أو كما يقولون حرب الكورونا، ومن أهم هذه المتغيّرات هي:
توقف سلوكية (التقبيل) أو كما يسمونها (التبويس) بين الأشخاص، في الماضي لم يكن أحد يقبّل أحداً من أهله أو من معارفه أو من أصدقائه ولو كان اللقاء بعد غياب طويل، في زمنا انتشرت ثقافة التقبيل في العالم العربي بين الرجال والنساء وبخاصة بين العاملين في المفاصل السياسية والوظيفية ومرات بين شخصين في اليوم الواحد، وبدا المشهد مظهرياً ويتسم في أغلبه بالنفاق، وتلك ظاهرة ليست موجودة من قبل، وهي اليوم ليست موجودة إلا في عالمنا العربي.
في زمن الكورونا توقف مشهد ( التبويس) وأمنياتنا أن يتوقف إلى الأبد.
ماضياً.. كان العناق بين المحبين على الخدين أو على الجبين، تطورت تلك الظاهرة بفعل التواصل مع الغرب وعبر أفلام السينما، وتحول التقبيل من الخدين إلى الشفاه، يقول لي عاشق (توقفنا عن التقبيل على الفم)، لأن الكورونا تنتشر بفعل اللعاب والرذاذ.
أضحكني هذا العاشق، قبل الكورونا، ونحن أمة الوضوء خمس مرات في اليوم،
وأمة النظافة، وأمة نقاء الجسد والمكان والملبس والمسكن، ومع ذلك، كانت شوارعنا وأرصفتنا، وحدائقنا وأزقتنا وحاويات القمامة في مدننا تقدم مشهداً مأساوياً مخالفاً لقيمنا.
في زمن الكورونا، زاد استهلاكنا من الماء والصابون والمطهرات في المنازل وخارجها، وارتفعت وتيرة النظافة العامة لدى البلديات والجهات العامة، أمنياتنا أن ينسحب موضوع الاهتمام بالنظافة إلى دورات المياه المدرسية والعامة وفي مؤسسات الدولة، وإلى مشاريع إرواء الأراضي، وأن تطبق الجهات العامة القوانين المتعلّقة بالنظافة ومتابعة ذلك إلى ما بعد الكورونا، وأن تتوقف ظاهرة انتشار المقاهي، أو على الأقل أن يمنع تدخين النراجيل فيها.
سليم عبود