العدد : 9552
الثلاثاء : 17 آذار 2020
الإنتاج الزراعي قاطرة النمو الاقتصادي والوطني, والزراعة قطاع استراتيجي يشكل عاملاً رئيسياً للأمن الغذائي في سورية, ورغم الحرب الشرسة الظالمة التي تتعرض لها بلادنا منذ أكثر من ثماني سنوات فإن سورية الآن تتبوأ المرتبة الأولى في دول حوض المتوسط في إنتاج الحمضيات.
المواسم هذا العام تبشر بالخير ونسب تنفيذ زراعة المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية عالية وضمن الخطط الموضوعة والأمطار الهاطلة خلال الموسم كفيلة بتحسين واقع الزراعات الشتوية، والمياه المخزنة في السدود كفيلة بري المواسم والمزروعات الصيفية وبقاء المزارعين والمنتجين في أراضيهم، وقيامهم بأعمالهم وتوفير حاجة السوق المحلية من السلع الزراعية، وتأمين احتياجات المعامل الوطنية من المواد الأولية والخامات الزراعية للحفاظ على دوران عجلة الإنتاج، وتحقيق فائض في الإنتاج الجيد للتصدير للخارج.
وفق ميزان استعمالات الأراضي القابلة للاستثمار حسب الواقع الفعلي والمساحات المروية حسب الموارد المائية المتاحة فإن بلادنا تشتهر بزراعة وإنتاج العديد من المحاصيل الاستراتيجية (القمح القاسي والطري، الشعير، القطن، الشوندر السكري، التبغ) والمحاصيل الرئيسية (البطاطا، البندورة، البقوليات الغذائية من حمّص وعدس وفول، والمحاصيل الزيتية، والخضار الصيفية والشتوية، والنباتات الطبية والعطرية), واعتماد أصناف جديدة عالية الجودة وذات إنتاجية عالية للمحاصيل الاستراتيجية مقاومة للأمراض والإجهادات البيئية وخاصة الجفاف.
علينا جعل الزراعة قطاعاً تنافسياً يعتمد على الجودة والخبرات للإنتاج، واعتماد تنوع إنتاجي في البيئة الطبيعية لكل صنف وإدخال زراعات ذات عوائد اقتصادية وإدخال الزراعات الرديفة إلى المناطق الجبلية كالأشجار المثمرة وغيرها والعمل على تطويرها وتأمين متطلبات ومستلزمات نجاحها, والواقع المائي الجيد في السدود والتخزين يبشر بموسم جيد, وتنفيذ مشاريع الري الحكومية على المستوى الوطني وزيادة الاستثمارات الخاصة بقطاع الري لانعكاسها الإيجابي على القطاع الزراعي, والتحول للري الحديث للأراضي في أغلب المحافظات التي يساهم المخزون المائي بريها والحفاظ على الموارد الطبيعية من المياه وعدم هدرها وحمايتها من التلوث وفصل قنوات الصرف الصحي عنها وإقامة محطات المعالجة والاستخدام الآمن للمياه الناتجة عنها, والتخفيف من استخدام المبيدات الحشرية الكيماوية التي تلوث الإنتاج والمياه والبيئة للحصول على مواسم ذات موثوقية عالية ومتمتعة بالمواصفات القياسية السورية والعالمية.
على الدولة تأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة البذار بأسعار تشجيعية مدعومة من الدولة ومنح الدعم الزراعي لمزارعي المحاصيل العلفية (البقولية العلفية، الذرة الصفراء، الكرسنة، الجلبانة، الفصة، البيقيا) والبقولية الرعوية وفق التراخيص الممنوحة لهم وحسب المساحات المخصصة والمرخصة لدورها في استقرار قطعان الدواجن والأغنام والماعز والأبقار وزيادة أعدادها وإنتاجها وزيادة خصوبة التربة وتعميم تقنيات العدو الحيوي لمكافحة الآفات والحشرات التي تصيب المحاصيل الاستراتيجية وخاصة الحمضيات والزيتون لدورها في خلق توازن طبيعي بين النبات والكائنات الحية الأخرى وبين الإنسان والبيئة المحيطة والأشجار المثمرة والقضاء على الآفات الزراعية التي تهاجم النباتات والأشجار المثمرة وتؤذي المحاصيل وتنقص جودتها لخلق منتج غذائي آمن بعيداً عن التلوث وخالياً من رواسب العناصر الضارة.
يجب وضع خطة زراعية و تراعي حاجات الاقتصاد الوطني وملزمة لكل المزارعين وتقديم المحفزات لتنفيذها وتفعيل الإرشاد الزراعي عبر الخدمات الاستشارية ورفع الإنتاجية الزراعية بالاعتماد على البحث العلمي والتجارب والتطبيقات العلمية واستنباط التقنيات الزراعية الحديثة واعتماد الأصناف العالية الإنتاجية لضمان أكبر كمية من السلع والمحاصيل الزراعية وبنوعية جيدة لتحقيق فائض في الإنتاج الزراعي يساهم بالحد من ارتفاع الأسعار الذي يطول معظم المنتجات الزراعية من خضار وبقوليات وفاكهة.
علينا تعزيز القطاع الزراعي وتطويره وتكامله مع القطاع الخاص وتطوير الخدمات في الريف ما ينعكس إيجابياً على الفلاح وتوفير المشاريع المولدة للدخل التي تساهم في تحسين الوضع المعيشي للمزارعين والنهوض بالمناطق الأقل نمواً والحد من الفقر والتعريف بالمنتجات السوري التي تملك قدرات تنافسية عالية وتسهيل تسويق المنتجات داخلياً وإقامة الشركات التي تعنى بالتسويق في جميع المحافظات وفتح الأسواق التصديرية الخارجية أمامها والتركيز على تصدير المنتجات المصنعة ونصف المصنعة لتحسين العائد الاقتصادي وميزان المدفوعات وتخفيف فاتورة الاستيراد والطلب على القطع الأجنبي.
نعمان إبراهيم حميشة