الســـوق التجــاري القـــديم في جبــلة «المقـــــبي»… عــبق الماضـي بأنفـــــاس الحـــــاضر

العدد : 9544
الخميس 5 آذار 2020

 

مدينة جبلة ملكة متوجة على عرش ساحل البحر الأبيض المتوسط، تمتلك طبيعة خلابة ومعالم أثرية قديمة عريقة، ومن هذه المعالم سوقها الشعبي ما يعرف (بالسوق المقبي) أو سوق التجار حالياً، ولتسليط الضوء على واقع السوق الأثري كان لنا لقاء مع مدير دائرة آثار جبلة الدكتور مسعود بديوي فقال: تقسم جبلة القديمة إلى حيين: حي الصليبة الواقع في الجهة الشمالية من المدينة وهي الجامع الواقع في الجهة الجنوبية والحد الفاصل هو شارع علي قاسم مقابل السرايا المؤدي من المرفأ والميناء القديم باتجاه الشرق.

الأسواق القديمة غالبيتها واقعة في الجهة الشمالية ضمن حي الصليبة وغالباً واقعة في الجهة الغربية والجنوبية الغربية لمسرح جبلة الذي يعود تاريخه للعصر الروماني والأسواق القديمة واقعة في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة جبلة القديمة وهي تعود للفترة العثمانية ومن المباني القديمة الموجودة في السوق من الجهة الغربية لمسرح جبلة هو خان بيت عامر والسوق الأساسي يقع في الجهة الشمالية والسوق الأساسي يعرف بسوق البيض ويسمى حالياً السوق (المقبي) وتسميته بسوق البيض تسمية قديمة حسب الروايات الشعبية المتداولة تعود لكونه مركزاً لتجميع البيض لكل منطقة جبلة وهذه التسمية بسوق البيض يقال أطلقت عليه في العهد العثماني لكنها غير مؤكدة وما يميز الأسواق القديمة ببعض المحلات المقبية بشكل عقود هذا ما يؤكد بناءها في الفترة العثمانية وبعض المحلات تم بناؤها في فترة الخمسينات بشكل عام هذه الأسواق بناؤها يتماشى مع تنظيم المدينة خلال الفترة المملوكية ويغلب على مدينة جبلة القديمة كبناء الطابع المملوكي العثماني.
وهناك تفرعات للأسواق منها سوق الحدادين، الخياطين، الصاغة، السكاكين وللأسف معظم هذه المهن انقرضت, والأسواق الموجودة حالياً هي تخديمية للمواطنين فيها غالبية المنتجات التجارية التي تتماشى مع العصر ومن الصناعات التي حافظت على حالها إلى حد ما صناعة السكاكين أي تصليحها وأيضاً يوجد سوق الخياطين وصناعة الحذائين حتى الآن وهي يدوية.
ويتابع الدكتور مسعود حديثه: أما بالنسبة للقسم الجنوبي في المدينة هو سوق الصاغة الموجود حالياً ضمن مبنى السرايا القديمة ويعود زمن المبنى للفترة المملوكية وأيضاً تشتهر مدينة جبلة بصناعة الصابون المصنوع من زيت الغار وزيت الزيتون والحلويات التي تشتهر فيها جبلة: الحلاوة، الراحة، الكنافة، البوظة.
سجلت مدينة جبلة القديمة في سجل المدن التراثية التاريخية في المديرية العامة للآثار والمتاحف بقرار وزاري رقم ( 125/أ) في عام ( 1998) نتمنى من الجمعيات الحرفية العمل على إحياء هذه المهن اليدوية القديمة حفاظاً عليها من الانقراض وتم قتل هذه المهن لعدم وجود سوق خاص فيها لتصريفها بالإضافة إلى مستوى المعيشة للمدينة والريف.
خدمات بلدية جبلة

  

مسؤولة المكتب الفني في بلدية جبلة المهندسة أسماء نجار: السوق المقبي قديم من قدم المدينة القديمة، شكله وتصميمه قديم، تطور في أيام العثمانيين وحدث تدخل بين السكن والمحال التجارية حيث تم وفي السنوات الأخيرة تحويل بعض المنازل إلى محلات تجارية وفي هذا القسم الشريحة المطلة على ساحة مول جبلة يبلغ عدد المحلات التجارية في السوق ما يقارب (200) محل ويترتب عليهم رسوم خدمات ونظافة للبلدية.
في عام ( 2008) قامت البلدية بتنفيذ مشروع واجهة موحد خشبي يتلاءم مع المدينة القديمة من مظلات وأبواب خشبية ورصف بازلتي لجزء كبير داخل السوق بالإضافة لشبكة صرف صحي وهناك مظلات نفذت لمحال تجارية بعض التجار ساهموا مادياً في تنفيذها.
نتمنى تنفيذ مشروع مظلات موحدة في السوق طبعاً هذه رغبة أصحاب المحال ورغبتنا السوق بالأسواق التراثية القديمة في اللاذقية السوق الطويل ودمشق السوق مدحت باشا الحركة في السوق دائمة والسوق حيوي ويوجد فيه أكثر من مقهى جديد والبلدية تقدم كافة الخدمات التي يحتاجها السوق من إنارة وشبكة صرف صحي ورصف بازلتي بالإضافة لتوفر المياه أما بالنسبة للأبواب الخشبية التي نفذت للمحال الخارجية في السوق يمكن تنفيذها في المحلات داخل السوق بسبب رغبة التجار ومدى جمالية المنظر لكن كلفتها مرتفعة والسوق بحاجة إلى تنظيم في بعض الأماكن وبالنسبة للأسعار التي تباع في السوق مناسبة جداً وخصوصاً هذه الفترة.
وضمن نظام الضابطة للمدينة القديمة فيه جميع الشروط لتوحيد المحال من واجهات واللافتات والمظلات وأي صاحب محل عليه أن يقدم طلب ترميم في البلدية في حال أراد إجراء صيانة أو ترميم لمحله يفرض عليه نظام الضابطة للمدينة القديمة وهو من يمول ذلك أصحاب المحال التجارية.
مهن مهددة بالاندثار
أثناء تواجدنا في السوق التقينا بعض أصحاب المحال الموجودة في السوق منهم كان له عتب وحزن على مهن دخلت في مرحلة الانقراض..
* صاحب محل الخياط إبراهيم الجرجور: أنا أعمل في مهنة الخياطة منذ (50) سنة، ورثتها عن والدي، خياطة رجالية، في الفترة لا توجد حركة الناس متجهين إلى الجاهز جينز وغيره من الأقمشة والشباب يمشون وراء الموضة في فترة انتشرت فيها البيجامات أيضاً التي أصبحت تستخدم للحركة خارج المنزل وهذا أثر بشكل كبير على هذه المصلحة لدرجة لا يوجد من يعتمد على هذه النوعية من الألبسة حتى النساء اتجهن أيضاً إلى الجاهز مصلحة انتهت بنسبة (97%) تأثرت بالموضة والبضاعة المستوردة، الوضع غير طبيعي حتى البدلات العسكرية أصبحت جاهزة تعطى للعسكري، في محلي بضاعة قمت بخياطتها منذ سنوات وأصحابها حتى الآن لم يأتوا لاستلامها على الرغم هم من أتى بالأقمشة منذ عشر سنوات لم أقم بشراء أي قطعة قماش من أجل خياطتها، أولادي ابتعدوا عن المهنة ولم تكن لديهم رغبة في تعلمها في الماضي المزدهر للخياطة كنا أكثر من (100) خياط وكل واحد كان يعمل لديه أكثر من ثلاثة عمال وعملنا ممتلئ بالكاد نستطيع أن نمشي الأمور طبعاً هذا الكلام قبل الأزمة في زمن كان طلاب المدارس يرتدون زي الفتوة العسكري وحالياً في جبلة كلها لا يوجد (4) خياطين نعمل بمفردنا لا يوجد عمال عندنا وطول الوقت نمضيه بدون عمل وإذا عملنا ببعض التصليحات الخفيفة لكن وضع الخياطة النسائية إلى حد ما بشكل بسيط جداً أفضل لوازم الخياطة مرتفعة جداً كلفة البنطال الرجالي في حال قمت بخياطته يكلفني أكثر من (1000) ليرة لوازم خياطته طبعاً القماش ليس من عندي بالإضافة كلفة اشتراكي بالأمبيرات والكهرباء النظامية ولا استطيع تشغيل عامل عندي فالحالة جداً صعبة من أين سأدفع له راتبه في الماضي كانت بعض الزبائن تأتي وتحتاج لواسطة حتى تحصل على دور نتمنى من الله أن تعود الحياة لهذه المهنة مثل الماضي حتى نضمن دخل رئيسي يساعد في مصروف البيت بالإضافة إلى ضرائب المالية ورسوم للبلدية.
أتمنى أن تقوم الجهة المسؤولة عن هذه المهنة اتخاذ إجراءات مناسبة للحفاظ عليها والتشجيع على العمل بها منعاً من انقراضها.
* صاحب محل تجاري نديم ديب سليم: أعمل في تجارة الأقمشة بالسوق المقبي منذ (35) سنة، البضاعة التي أعمل بها بياضات وأقمشة وبرادي السوق تأثر مع بداية الأزمة والحمد الله تدريجياً عادت الحركة لوضعها الطبيعي منذ بداية عملي حتى الآن لم أغير هذه المهنة البضاعة الموجودة جميعها من مدينة دمشق وحلب طبعاً الأسعار اختلفت عن قبل فزادت بشكل ملحوظ أحياناً يشهد السوق ركوداً بسبب الوضع المعيشي الصعب وأفضل وقت للحركة هي بداية كل شهر مع الرواتب حتى العاشر منه بالنسبة لخدمات السوق فهي على أكمل وجه البلدية هي المسؤولة عن ذلك طبعاً مقابل رسوم سنوية ندفعها.
* صاحب محل تجاري سامر يعقور: أنا أعمل في السوق منذ (10) سنوات أنا مستأجر للمحل، عملي في تجارة الأحذية الرجالية وجميعها وطنية من المعامل الحلبية الحركة بالبيع، طبعاً تتراوح بين تحسسن بسيط وجمود بسبب الغلاء والوضع المعيشي بالنسبة للخدمات جميعها كاملة.
ولنا كلمة: سوق عريق وقديم وشاهد على مراحل زمنية كثيرة وكان حاضنا لمهن عديدة ومصدر رزق للمواطنين فهو سوق شعبي ما يميزه عن غيره يجمع جميع أنواع المهن والتجارة حبذا لو يتم العمل على إحياء المهن التي انقرضت والاهتمام به كغيره من الأسواق القديمة الموجودة في بلدنا.

غانة عجيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار