العدد 9534
الخميس 20شباط 2020
أول الحضور كنت شهقة عصفور.
للنهر حبال من مطر . . .
انفرجت أسارير النهر للقادم من براري الوجع.
قالت أمي: ببالغ الشوق انتظرتك . . .
بفارغ الصبر، تحت سقف من تراب، صحوت فتحت رموشك على الظلال . . . فأغمضتها: كأن شيئاً لم يعجبك . . .
كأنك زغلول حمام سقط على رقعة من ثلج.
***
أول الحكاية: كنتَ غضاً كورقة جوز، نحيلاً كدوري الشتاء، سريرك الخشبي، هذا كان قد أحضره أبوك، عندما جاء في إجازة، يوم كان عسكرياً على الحدود…
أول من نام فيه أنت، وتبعك في النوم فيه إخوتك الثمانية، مات كمال ويوسف في سنيهما الأولى، وبقيتم سبعة، سبعة في عين الشيطان، تحت هذا السقف نمتم، تربيتم، كبرتم هنا؟! هي الدنيا يا ولدي،منذ أن يولد، وإلى أن يرحل عنها، تعبت أرواحنا من الشقاء، شحٌ، قلةٌ، عوزٌ، وخوف، قضينا العمر من مطلع الشمس إلى مغبيها، من البيت إلى الأرض، ومن الأرض إلى البيت، نركض ونركض، والحصاد؟! ماذا بعد؟
كسرة خبز وغفوة قبر،عفوك يا رب! . . نحن لا نشكو، وإنما نحكي، ومنك نطلب المغفرة!.
***
داية زهرة الريح الوحيدة، أم علي ماريا قالت: ولّدتك، وولّدت أكثر أبناء القرية، بعضهم ولدتهم أمهاتهم في البراري والحقول، كان الطلق يجيئهنَّ وهنَّ يعملن في الأرض، لقد ولدت أشبه بحبة بطم زرقاء، لولا حلم الله وتلك الشهقة لما كنتَ الآن تدرج كالصيصان في زهرة الريح.
وترد أمي: الله لا يحرمني منك، لولا تلك الصرخة كما قالت
ستك أم علي، لما كنت . . . ولدت كتلة رخوة زرقاء، خفت كثيراً من أن تموت، تطلعت بوجه الداية أم علي بخوف، وبقلب مجروح: دخيلك، هل سيموت؟
* لا تخافي يا بنتي الأعمار بيد الله.
** يا مصيبتي إذا مات!
* لا تخافي، تمسكي بحبال الله (يحيي العظام وهي رميم).
** وتمسكتُ بحبالِ الله، فكنت . . .
بديع صقور