وقـال البحــــــر.. الســـــخرية

العـــــدد 9498

الإثنين 30 كانون الأول 2019

 

السخرية طريقة من طرق التعبير، ولها أدواتها الخاصة وفي تراثنا كتب عن النوادر والأقوال المستحسنة والمستملحة، وطرائف الحديث مختاراته وما يعجبك، ويصاب بالدهشة والذهول من يطالع كتاباً مثل (المراح في المزاح، للإمام أبي البركات الغزّي) وهو يروي عن الإمام الشعبي في أمر قدوم رجل يسأله عن المسح على اللحية أثناء الوضوء فيقول له الشعبي خللّها بأصابعك ،فيقول الرجل أخاف ألا تبلّلها فيقول له الشعبي ساخراً إن خفت فانقعها من أول الليل.
وروى أن خيّاطاً مرّ به وامرأة تجلس معه بالمسجد فسأل الخيّاط (أيّكما الشعبي؟) فردّ الإمام مشيراً للمرأة، وقال: هذه.
ويجيء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يسأله: إذا خلعت ثيابي ونزلت النهز لأغتسل، هل إلى القبلة أتوجه أم إلى غيرها؟
فيرّد الإمام: الأفضل أن يكون وجهك إلى جهة ملابسك حتى لا تسرق.
الحيوان لا يعرف الضحك، والجبال لا تضحك، وإنّما يضحك البشر وحدهم، والأطفال يضحكون قبل أن يتعلّموا الكلام فالضحك ظاهرة إنسانية ويقول الباحثون إن الابتسام والضحك والمرح والدعابة والنكتة تصدر عن الطبيعة المتناقضة التي تملّ حياة الجدّ والصراحة والعبوس فتطلب اللهو وتبحث عن الفكاهة، وإن انفعال الغضب والخصام يولّد الفكاهات العدوانية والنوادر التهكمية والدعابات الساخرة وفي الضحك عنصر من الثأر والانتقام يعاقب المرء الآخرين على ذنب صدر منهم فينتقمون منه بالضحك عليه .ينكسر كعب حذاء جديد تلبسه سيدة متألّقة يتسخ سروال أبيض يرتديه رجل مترفع له منزلة ومكانة.
وغيره وعداه يكمن من وراء هذا النوع من الضحك ولا شيء يدعو إلى الضحك لو وقعت الأحداث لأناس بسطاء عاديين.
أليس الضحك علاجاً لمشاغل الفكر، وهموم الحياة كما يرى علم النفس؟ أليس الإنسان هو الكائن الساخر الضاحك؟

عزيز نصّار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار