أمضي ووردَ الأصيل

العدد: 9457

الثلاثاء: 29-10-2019

 

ها أنا أمشي والدرب لا أدري إن كانت تفرش لي ورودها أم أنّها تُنبتُ أشواكها، ولستُ أدري أين أسير وإلى أين أمضي في متاهات الحبّ الذي ما زال يجتاح قلبي بما امتلك من أسلحة شتّى، وأيّ قلب هذا الذي أحمله بين أضلعي التي تكسّرت من تضخّمه بزاد الحبّ الذي كان خير الزاد وكان خير الزرع الذي سأحصده بعد حين، لأنّي آمنتُ بالحبّ لا شعاراً فقط ولا عنواناً وحَسْب بل آمنت به نهجاً وسلوكاً أحيا به مع نفسي بين أضلعي كما أحيا به مع مجموع الأنفُس التي أعطتني وما زالت تمدّني أسباب الحياة…
آهٍ لتلك الدّرب التي تزاحمت الورود على جنباتها وفي وسطها حتى لكأنّي أكتب قصيدة عمري على ورق الورد الذي يمدّها بالشذا والطّيب فتفوح روائح الكلمات وعبقها ينسكب جدولاً رقراقاً ويحفر في الدرب ذكرى للقادم من الأيّام فتكون دفاتر الماضي حاضرة أبداً وحافلة دوماً بأحلام المستقبل التي عشناها مع كل خطوة مشيناها فوق ورودنا التي كانت تربتنا وكانت أوراقنا التي نخطّ عليها ونكتب…
آهٍ ما أجمل أن يسّاقط النّدى ليروي حكاياتنا التي خبّأها الورد وكانت أسراره التي ما باح بها لغيرنا ولا استطاع أن يُخفيها عن أعين النّظار الذين يترقّبون الجمال وينتظرونه إيماناً منهم بأنّ في الحياة ما زال هناك متسع لكل جميل.
يا لدربي التي فرشتها لي الحياة وروداً وجعلتني أقرأ صفحات الحبّ والسّعادة على الطرقات أحملها أنفاساً وتحملني خُطًا أسوقها وتحملني غيمة ترشّ نداها على الجفون الراعشة بالحبّ والشوق لتسقي قلوباً تاقت إلى الغد كما الأمس فلا الأمس ببعيد بل لم ينقضِ ولا الغد ببعيد فليس ببعيد لطالما كان العنوان لهما الحبّ ما بين الأمس والغد ولأنّ الحياة لن تكون إلا به ولن يكون هو إلا بنا…
آهٍ ما أجملها الريح تحملني ويتزوبعني عطر ورود تلفّ المكان وتنادي أيا إنسان ما بكَ لا تحيا الحياة التي ما كانت إلا بكَ ولن تكون إلا بالحبّ الذي يأخذك إلى أناكَ التي ملأتِ الحياة برؤاك الجميلة.
ولأنّها هي الحياة التي وهبتني نفسها وسلبتني الموت بما جعلت لي من أسباب تجعلني أرى القادم أجمل وأرى السماء شجرة قد تزيّنت بثمار الحبّ فإنّي أمضي ووردَ الأصيل.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار