الواجبات المدرسية ..أعباء يوميــة أم همــزة وصــل بين المدرســة والأســرة؟

العدد: 9453

الأربعاء:23-10-2019

لأنهم جيل الغد ومستقبلنا القادم فإن الاهتمام بأطفالنا ليس فقط واجباً علينا بل هو حق لنا، وانطلاقاً من هذه المسؤولية تجاههم – والتي تترجم الرعاية والعطاء غير المحدود – تنطلق بعض الأسر في مشوارها التربوي والتعليمي لأطفالها لتبدأ معهم في مسارهم وطريقهم الذي سيختارونه ليواصلوا بثبات ويجتازون بأمان مواقف الحياة وظروفها، وتعد مهمة تدريس الأبناء ومساعدتهم على أداء الواجبات المدرسية واحدة من المشاكل اليومية التي باتت تؤرق الأسرة قبل الطالب، إذ أصبحت من الصعوبة لديها المواءمة بينها وبين أداء أعمالها اليومية، وفي قراءة سريعة لأهم الدراسات التربوية في هذا المجال نجد أن هناك مجموعة من العوامل التي تؤدي لنجاح هذه العملية التعليمية والوصول إلى غايتها المرجوة، ومن أهمها وجود الحافز الداخلي لدى الطالب ودرجة اجتهاده وكذلك اهتمام الأهل وتوفير الجو الدراسي، ومن بينها وجود علاقة جيدة بين المعلم والطالب، بالإضافة إلى اتباع تقنيات تعليمية معينة كالتكرار والحفظ عن فهم والاستعانة ببعض الوسائل التوضيحية وغيرها إلا أن نتائج الدراسات حول جدوى الواجبات المدرسية اختلفت باختلاف المرحلة العمرية للطالب ومستواه الدراسي والمادة الدراسية ونوعية الواجبات المدرسية نفسها.
(الوحدة) قامت باستطلاع مجموعة من الآراء حول الأهمية الاجتماعية والتربوية لدور الأهل في رعاية أبنائهم تعليمياً ومساعدتهم في حل واجباتهم المدرسية المطلوب إنجازها في المنزل، فكانت اللقاءات الآتية:

* بداية حدثتنا السيدة نهلة خضور، موظفة وأم لطفلين في المرحلة الابتدائية قائلة: قبل بدء العام الدراسي بفترة قليلة، أشعر بالتوتر وعدم القدرة على السيطرة على الأمور، فكلنا يعلم أن الأطفال بحاجة إلى من يقف معهم في الدراسة، وأنا وزوجي بحكم عملنا لا يتوفر لدينا الوقت الكافي للجلوس مع الأبناء وتدريسهم، لذلك نحاول أن نستنجد بشقيقتي، وهي طالبة جامعية، لتدريسهم ومساعدتهم كونهم بعد المدرسة يعودون إلى بيت جدهم بانتظار عودتنا من عملنا، وعلى الرغم من ذلك، نحرص أن نتابع دراسة أبنائنا في المساء وفي أيام العطلة، حتى يشعر الأبناء بوجود رقيب واهتمام من قبل الأهل، ففي بعض الأوقات يتطلب الأمر أن تكون هناك صرامة من الوالدين في مرحلة التأسيس حتى يجتهد الطفل ويتابع دروسه.

* السيد مهند سلمان، مدرس لغة عربية قال: أحياناً وبسبب ضيق الوقت يقوم الأهل بأداء الواجب المدرسي نيابة عن أطفالهم، وهو ما نلاحظه من خلال تغير الخط على دفتر الواجبات للطالب، وفي رأيي فإن هذا التصرف يعدّ من أكثر الأمور الخاطئة التي تضره وذلك لأنه لا يؤدي لتحفيز الطالب أو تحقيق النجاح المطلوب، بل على العكس، ونصيحتي من خلال تجربتي التدريسية فإن أنجع صور الواجبات المدرسية تلك التي تعتمد على مبدأ – تعلم أن تتعلم – وذلك من خلال تعليم وتدريب الطفل على وضع خطة دراسية ومحاولة إنجازها خلال فترة زمنية محددة، مع التأكيد على وجود مكافأة في النهاية في حال تحقيق النتيجة المرجوة.
* السيدة ماجدة سكرية، مديرة مدرسة قالت: إن مهمة تدريس وتعليم الأطفال هي مهمة تشاركية بين الأهل والمدرسة، لا يمكن أن يتم فصلها وتحديدها على طرف واحد فقط، فدعم الوالدين يساعد الطفل على المثابرة والتحصيل العلمي، ويساعده على تطوير نفسه وإظهار قدراته في المدرسة، وعلى المدرسة أن تكون الركيزة الأساسية في التدريس وإعطاء الوقت الكافي أثناء الحصة الدراسية لكل طالب في الفهم والاستيعاب والحفظ – إن أمكن ذلك – وهذا ما يخفف من أعباء الأهل عند متابعة أطفالهم وهم ينجزون فروضهم المدرسية.
* الصديق ماهر سلامة، الصف السابع قال: كثيراً ما أنجز واجباتي اليومية قبل عودة والديّ من عملهما، وأنا أعتمد في ذلك على دراستي المركزة لمعلومات المادة والإجابة على الأسئلة المطلوبة، لكنني أعتمد عليهما في شرح بعض الفقرات الصعبة وفي عملية التسميع للمواد الحفظية في المنهاج، فهذا يساعدني في اختصار الوقت وفي ترسيخ المعلومات بشكل أفضل.

* الصديقة ناي عباس، الصف الثامن قالت: وجود الأهل أثناء كتابة واجباتي المدرسية أمر هام وضروري، لأنني أشعر بالثقة والأمان في الحصول على المعلومة الصحيحة وفي المتابعة الجيدة لكل ما أقوم بحفظه ودراسته، لكن ذلك لا يمنعني من تحضير دروسي بشكل متقن قبل عملية المتابعة من قبلهم خاصة مع الانتباه والتركيز على شرح المدرسين للاستفادة منهم في تفسير كامل فقرات المنهاج وتبسيطه بشكل جيد.
* الصديق عمار ماضي، الصف السابع قال: مع وجود شبكة الانترنت، لم يعد أداء الواجبات المدرسية أمراً صعباً، فهناك الكثير من المواقع التعليمية التي تختصر الوقت والجهد وتختصر المناهج التدريسية بشكل مبسط وهي متاحة للجميع، وأنا أعتمد عليها في حل المسائل الصعبة وشرح وإعراب بعض القصائد، لكنني لا أستخدم هذه المواقع إلا بعد حفظ دروسي وحل جميع الأسئلة التي أستطيع الإجابة عليها، أما دور الأهل فهو المتابعة والرقابة الإيجابية التي تهدف إلى الاستفادة بشكل جيد من كل الوسائل المتاحة بما يخدم عملية الفهم والحفظ لدروسي.
بقي للقول
لا يتوقف الحديث حول جدوى الواجبات المدرسية بالنسبة إلى الطالب، فهناك من يعدها تطبيقاً لما تعلمه في المدرسة حتى يستطيع ترسيخها وحفظها، إضافة إلى أنها تعلمه تنظيم وقته وجهده باعتبارها تمثل همزة وصل بين المدرسة والأسرة، بينما
يرى فريق آخر أنها قد تتحول إلى عبء إن لم يتمكن الطالب من إنجازها في الوقت المتاح، أو عندما تتحول إلى وقت للضغط على الأهل في محاولة لمواكبة أحدث المناهج المدرسية لمساعدة أطفالهم في أداء واجباتهم، لكن المؤكد في كل ذلك هو أن الطفل هو الأساس في هذه المعادلة فالدراسة الجيدة عبارة عن مهارة يكتسبها الطفل بالتعود والممارسة، لذلك فنحن – كأسرة تربوية تحيط به – نمتلك الدور الأساسي في زيادة تلك المهارة لديه، فلنبدأ معه بالتدريج، منذ سن مبكرة، وحينما يكبر، سنجده قادراً على الدراسة وحده مع شعوره بالمتعة أثناء التعلم.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار