أهم إنجازات الحكومة السورية الجديدة بعد عام من التحرير: خبير اقتصادي يؤكد تحسن ملحوظ في الخدمات والإدارة وكافة جوانب الاقتصاد الوطني
الوحدة – تمام ضاهر
أكد الدكتور ذو الفقار عبود، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية، في تصريح خاص لصحيفة “الوحدة”، أن الحكومة السورية بذلت قصارى جهدها لترميم العمل الحكومي وسد الفراغ الإداري والسياسي الذي أثقل كاهل البلاد. وأضاف أن العقوبات كانت تشل الاقتصاد، بينما كانت البنية التحتية متهالكة، وراتب الموظف لا يتجاوز 20 دولاراً شهرياً، فضلاً عن التحديات الاجتماعية العميقة.
وأوضح عبود أن الأولويات الحكومية بعد التحرير كانت تتمثل في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار، وضبط الأمن، والعمل على تجنب انهيار الدولة خلال المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت خطوات جادة في نشر الأمن العام في جميع أنحاء البلاد وتأمين الخدمات الأساسية من خلال الحوار مع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه في السنة الأولى من التحرير، شهدت سوريا تحسناً ملحوظاً في جميع الجوانب الاقتصادية. فقد استطاعت الحكومة زيادة ساعات التغذية الكهربائية رغم الحاجة إلى 23 مليون متر مكعب من الغاز، وخمسة آلاف طن من مادة الفيول يومياً لتأمين الكهرباء على مدار الساعة. كما أشار إلى الصيانة التي أُجريت على بعض محطات توليد الكهرباء والعنفات، مما أسهم في زيادة ساعات التغذية. وأوضح أن الحكومة القطرية أطلقت مبادرة لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأردن، ما سيساهم في توليد 400 ميغاواط من الكهرباء يومياً في المرحلة الأولى.
كما أشار عبود إلى إعادة تأهيل مطار دمشق الدولي بمساعدة قطرية وتركية، في فترة زمنية قصيرة، إضافة إلى افتتاح مطار حلب الدولي بعد عملية إصلاح استمرت عدة أشهر، ليصبح جاهزاً لاستقبال الرحلات الجوية.
وأكد عبود أن الحكومة أولت البُعد الخارجي اهتماماً كبيراً، حيث زار وزير الخارجية العديد من العواصم العربية والأجنبية، ما ساعد في تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وأدى إلى إعادة العديد من الدول الأوروبية فتح سفاراتها في دمشق.
وفيما يخص الإعلام، أوضح عبود أن الحكومة واجهت صعوبات بسبب تهالك البنية التحتية في هذا القطاع، لاسيما في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، لكنها استعانت بجهات خاصة لتوفير الإمكانيات الفنية لإطلاق القناة الإخبارية السورية.
وفيما يتعلق بالخطاب الاقتصادي للحكومة السورية، شدد عبود على أن الحكومة ركزت على مسألة رفع العقوبات الدولية، مشيراً إلى أنه لو تم تشكيل مجلس اقتصادي لوضع تصورات لتحسين الأحوال المعيشية، لكان ذلك تأكيداً على أهمية الاقتصاد في أولويات الحكومة.
وأضاف عبود أن الحكومة واجهت صعوبات في توفير الخدمات للمواطنين بسبب انهيار البنية الخدماتية في البلاد، لكنها بدأت خطوات جادة في قطاع الكهرباء بفضل الدعم الخارجي من دولة قطر.
وأكد الخبير الاقتصادي أن أبرز إنجازات الحكومة في سوريا تمثل في منع قيام حرب أهلية، وهو أمر شائع في الدول التي تشهد تغييرات في النظام السياسي والاقتصادي. وأشار إلى أن عودة سوريا إلى عمقها الإقليمي والعربي، وإلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، تعد من أبرز المنجزات، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات والمستثمرين عبر إعادة الثقة بالاقتصاد السوري. وأشاد أيضاً بالجهود الحكومية في مكافحة الفساد، وتجارة المخدرات، والاقتصاد الأسود، ونجاحها في رفع العقوبات جزئياً وعودة سوريا إلى نظام “سويفت” للتعاملات المالية الإلكترونية الدولية.
كما أشار عبود إلى بعض المنجزات الإضافية، مثل إلغاء التجنيد الإجباري، وإلغاء دفع البدل البالغ 8 آلاف دولار، وإلغاء جمركة الموبايلات والسيارات. كما تم إعادة العقارات المغتصبة إلى أصحابها التي كانت قد استولت عليها الدولة بحجة “المصلحة العامة”.
واعتبر عبود أن أبرز المنجزات هو الاعتراف الدولي بأن سوريا في طريقها للعودة إلى مكانتها الهامة بين دول العالم الكبرى. وأشاد برفع الحظر عن شركات عالمية مثل “كاش”، “ماستر كارد”، “آيفون”، و”غوغل”، كما نوه بإلغاء العمل بالبطاقة الذكية، والسماح بتداول العملات الأجنبية وإلغاء قانون العقوبات الخاص بذلك، ما كان يظلم العديد من المواطنين.
وأكد عبود أن الحكومة قد وعدت بزيادة الأجور والرواتب بنسبة قد تصل إلى 400٪، وتأمين المواد الأساسية دون طوابير أو فساد. كما أصبحت الحياة تدريجياً تعود إلى طبيعتها في كافة المحافظات والمدن السورية مع استئناف الخدمات الأساسية. كما تم إلغاء قرار تصريف الـ 100 دولار عند المعابر الحدودية للسوريين العائدين إلى بلادهم، وإزالة الحواجز الأمنية، وإلغاء منصة المستوردات التي كانت تثير قلق التجار، وفتح الاستيراد بالطريقة التي تناسب التاجر، والتوجه نحو اقتصاد السوق الحر.
وأكد عبود أن مادة الخبز أصبحت متوفرة لجميع الأسر السورية دون قيود أو سقف للشراء، كما أصبحت متاحة لطلاب الجامعات الذين كانوا قد حرموا منها سابقاً.
وفي الختام، شدد عبود على أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك ضعف التمويل، حيث تمثل عملية إعادة إعمار سوريا مهمة ضخمة بعد حرب استمرت 14 عاماً. هذه الحرب أسفرت عن مقتل مئات الآلاف، وقصف مدن البلاد، وتهجير سكانها من مناطق واسعة في الأرياف، مما ألحق بالاقتصاد السوري أضراراً كبيرة، بالإضافة إلى العقوبات الدولية.