الدكتورة التشكيلية ملاذ حرفوش: “يبقى الفن الملجأ الآمن والمكان الأثير الذي نستكين إليه” 

الوحدة – رفيدة أحمد

تغلب على أعمالها شاعرية عميقة بحس فني مرهف شديد الشفافية، لوحاتها الفنية وأعمالها النحتية والخزفية تحمل بُعداً خاصاً ينقلنا إلى عالم ساحر مؤثر بتناغم هارموني لافت، لتحمل رسالة فنية وأخرى بيئية تنشرهما بشغف ومحبة، وتحرص على صقل الموهبة بالدراسة الأكاديمية.
إنها الدكتورة ملاذ حرفوش، الحاصلة على إجازة ودكتوراه في اللغة العربية،  أما الفن لديها فهو موهبة مميزة، بدأت بتمكينها أكاديمياً في مركز الفنون التشكيلية في اللاذقية، فتخرجت حاصلة على شهادة في الفنون التشكيلية قسم الرسم والتصوير الزيتي، ثم حصلت على شهادة في الفنون التطبيقية قسم الخزف من مركز الفنون التطبيقية في اللاذقية. شاركت في عدة معارض جماعية لطلاب وخريجي مركزي الفنون التشكيلية والتطبيقية، ولها مشاركات في ملتقيات فنية، ومشاركات أخرى في معارض للفنانين التشكيليين منها في المركز الثقافي وأيضاً في متحف اللاذقية، لديها أعمال كثيرة سواء في الرسم والتصوير الزيتي والمائي أوالخزفيات والمنحوتات.
“الوحدة” التقت د. ملاذ حرفوش وحول أعمالها الفنية كان حوارنا معها، والبداية بسؤالنا: كيف تعيشين قلق ولادة العمل الفني؟ لتجيب: الفكرة تكون حاضرة في الذهن، لكن التعبير عنها قد يتطلب حافزاً قوياً ووقتاً معيناً للظهور والأداء، فضلاً عن الشعور بالامتلاء العاطفي تجاه العمل. وأحياناً يحتاج الموضوع إلى مرحلة يمر بها قبل نضجه وتصويره في اللوحة، وقد يبدأ الفنان بالرسم وفق رؤية محددة ثم يطرأ تغيير في مشاعره فيبتكر ما هو جديد وطارئ في لوحته. وفي كل الأحوال، هذه هي المرحلة الأصعب في إنتاج اللوحة، أي التفكير فيما أود رسمه.
وعن دور العناصر البيئية والمعالم الأثرية والمفردات التراثية في صناعة اللوحة التشكيلية قالت: لكل ما ذكرتِ دور أساسي في الفن عامة، فالفنان يتأثر بالطبيعة ويعدها معلمه الأول، ويقتبس مما حوله عناصر لوحته، ويعيد تشكيلها بأسلوبه ووفق رؤيته وحسب عواطفه وبألوانه وانطباعاته، وللحقيقة، وعلى الصعيد الشخصي، فأنا أعشق المعالم الأثرية وأجد فيها خامة أصيلة تمدني بطاقة عظيمة وتمنحني الشعور بالدفء والحنين، وتدفعني إلى الرسم مستوحية منها فكرة أو مصورة لها كما أشعر بها.
وحين سألناها باعتبار اللوحة نصاً تشكيلياً، ماذا تحاولين أن تقولي عبر هذا النص؟ أجابت: لأن اللوحة نص، فكل فنان يرغب أن يبقى هذا النص مفتوحاً للقراءة، لذلك لا يبوح بما يدور في خاطره خشية أن يغلق نصه ويؤطره بفكرة وحيدة ومحدودة، لكن يمكنني القول إن النص الذي أقدمه في اللوحة يحمل كل ماعندي من جمال ومحبة وفرح، فعندما أرسم أبدأ بسعادة وبهجة، متجاوزة الأسى، باحثة عن الجمال والمتعة الفنية، تاركة اللوحة تحكي ما تشاء والمتلقي يقرأ ما يرى.
وعن أعمالها النحتية والخزفية قالت: عندما بدأت بورشة التدريب الأكاديمي على فن الرسم والتصوير، اعترتني الرغبة في تجريب الأنواع الفنية المختلفة، فتعلمت النحت وكذلك الخزف، ونحت بعض التماثيل والجداريات الصغيرة، واشتغلت عدة خزفيات طينية أنيقة ودقيقة احتاجت إلى وقت وصبر في التفاصيل، لكنني وجدت نفسي في الرسم والتصوير الزيتي البديع والعميق، والمائي الشفاف المرهف، فأقصتني الريشة قليلاً عن فن النحت أو الخزف على الرغم من روعتهما.
وحول رسالتها الفنية بتدريب الأطفال على الرسم والنحت، أخبرتنا بقولها: كوني عضوة في “جمعية الصنوبر لحماية البيئة”، كُلفت بمهمة تدريب الأطفال واليافعين على الرسم والأشغال اليدوية، وبدأت معهم وفق خطة لتعليم مبادئ الرسم، ثم رحت أحثهم على تذوق الجمال وتطوير الذات وتدريب العين واليد، باحثة فيهم عن الموهوبين لتحفيزهم على اللجوء إلى الرسم للتعبير عما يرغبون به، فرسموا الطبيعة الصامتة والأطفال والأعراس الشعبية والمعالم الأثرية. كما أخذنا على عاتقنا نشر التوعية بأهمية البيئة وواجب الحفاظ عليها، معتمدين على الرسم الإعلاني كوسيلة فعالة في ذلك.
وختمت د. ملاذ حرفوش حوارنا الشيق معها قائلة: ترهقنا ظروف الحياة والعمل وتشغلنا دائماً وندخل في صراع مع الوقت، ويبقى الفن الملجأ الآمن والمكان الأثير الذي نستكين إليه، أحدهم يرسم والآخر يعزف وغيره يغني ويلحن، وكل منهم يبحث عن السلام والطمأنينة في الفن.
وأخيراً، يطيب لي أن أشكر القائمين على صحيفة الوحدة، وعلى الاهتمام والمتابعة، وتخصيص جزء من وقتكم وزاوية في مجلتكم الكريمة للفنون الجميلة.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار