الوحدة -ندى كمال سلوم
أقام فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية ظهرية أدبية قصصية شارك فيها نخبة من الأدباء المبدعين في مجال الرواية والقصة وهم: نور عمران، عادل أحمد شريفي، هدى وسّوف، عبد الكريم الخير، حيث قدموا نتاجهم الأدبي المتنوع ضمن المجال القصصي والروائي، فكانت حقاً، باقةً ملونةً قصصية رائعة وخلاّقة، وذلك في قاعة الأنشطة بمقر الاتحاد بحضور الأستاذ ممدوح لايقة رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية، الذي ثمّن هذه الفعالية كونها تعزز المشهد الثقافي الأدبي في المحافظة.
قدّمت النشاط الأديبة أمل حورية التي رحّبت بداية بالأدباء المشاركين والسادة الحضور أجمل ترحيب.
البداية مع الأديبة نور عمران، عضو اتحاد الكتّاب العرب، حاصلة على شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، وتُعدُّ حالياً بحثاً لنيل درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث، عضو اتحاد الصحفيين العرب، صدر لها المجموعات القصصية التالية: من ذاكرة الورد، لوعة ما قبل الرحيل، تشكيل، حب في زمن الكورونا، أموية الهوى، مواسم الحب والوجع، ومجموعة قصصية للأطفال بعنوان: أحلام نور.
قدّمت في هذه الظهرية قصتين حديثتين الأولى بعنوان: رماد الذاكرة “حين تكتب سوريا نفسها من جديد” حيث تدور القصة في فكرتها الأساسية حول شاب سافر خارج القطر من بداية الثورة نتيجة المضايقات التي تعرض لها بسبب أفكاره، وعاد بعد التحرير إلى مدينته حمص ليبدأ من جديد. ونقتطف المقطع المعبر الآتي من القصة المذكورة: “كانت الغيوم تسير ببطءٍ في سماءٍ تميل إلى لون النحاس، حين لامست قدما “أحمد” تراب الوطن بعد غياب امتدّ اثنتي عشرة سنة. إنها اثنتا عشرة سنة من المنافي، والمطارات، والكتابة في العتمة، من انتظارٍ طويل على أرصفة الحنين، وحين أطلّ على مشارف حمصَ، شعرَ كأنّ قلبه يخرج من تحت الركام، ليتنفس نسمة الحياة الأولى بعد موت طويل “.
أما القصة الثانية فحملت عنوان: “حين نسيت القصة” تضمنت في تفاصيلها حكاية قاصة وقعت في غرام شاعر دعته مراراً لحضور أمسيتها ولكنه كان يعتذر في كل مرة لأن الحياة تسرقه والظروف تباغته دوماً، وعندما حضر المرة الأخيرة نسيت ما ستسرده من فرط سعادتها فطوت أوراقها، ومنها اخترنا مايلي: “حلمت دائماً أن يحضر أمسية لها، أن يكون بين الحضور حين تقرأ، أن تلتقي عيناها بعينيه وهي تسرد إحدى حكاياتها، ظلّت تتخيّله جالساً في الصفوف الأولى في لقاءاتها الأدبية كلها، يصفّق آخر الحاضرين، ليخفي دمعة يضبطها في مديح شعري مؤجل، لكن الشاعر، في كلّ مرة، كان يخذل وعده”.
المشارك الثاني في الظهرية الأديب عادل أحمد شريفي عضو اتحاد الكتّاب العرب، حاصل على ماجستير في القانون الدولي، يكتب القصة والرواية والشعر، صدر له مايلي في مجال الرواية: حبّ في زمن الثورة، اللعب مع السلطان، هكذا تكلمت ناهد، ولدت مرتين، إضافةً إلى العديد من المجموعات القصصية والدواوين الشعرية.
قدّم قصة عنوانها “بعد المطر” تمحورت في فكرتها الأساسية حول مزرعة افتراضية في زمانٍ ما، ومكان ما، مات فيها راعيها وتصدّر المشهد من ليس يليق به ذلك من الانتهازيين وصائدي الفرص، وفي النهاية سيكشف كل شيء والحقيقة المرة ستظهر للجميع. ومن القصة المذكورة اخترنا الآتي: “بدأ الجوع يتفشى في المزرعة، حتى بدت الحيوانات هزيلةً منهكةً، فالمصائب لا تأتي فرادى، إذ إنّ قحط السنوات المتتالية أتى على كلّ موارد المزرعة، وبات الوضع الآن صعباً للغاية بعدما نفد العلف من المخزن، وجفت الساقية التي تمر بجانب الزريبة، فقبعت الحيوانات يائسة تماماً تنتظر نفوقها، في حين لا ينفكّ صوت ديك المزرعة المبروك يصيح ليل نهار “سيأتي المطر.. سيأتي المطر”.
الأديبة هدى وسّوف شاركت في الظهرية وهي عضو اتحاد الكتّاب العرب، حاصلة على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، تكتب في مجال القصة والرواية، صدر لها في مجال الرواية: ندوب في الذاكرة، صباحات لها طعم الدفلي، تفاصيل الغياب، ما بيننا. أما في مجال القصة نذكر: طرقات وعرة، جرح صغير، أحبك يا وعل الجبال.
هذا وقد قدّمت في هذه الظهرية فقرة من نص سردي”رواية” وهي قصة وجدانية تحكي معاناة امرأة في ظل ظروف اجتماعية صعبة ومحاولتها للتعايش مع الواقع وسط الألم في حالة فقد الزوج والابن. ومنها اقتطفنا مايلي: “يسعى عقلي للفرار هرباً من استعادة اللحظات المؤلمة، كذلك يفعل اللاشعور في داخلي، أعمل دوماً على تنحية الصور التي انطبعت ورسخت قهر الدنيا كله في روحي.. أتحايل على الذاكرة، أخادعها وأختار من ذاك الزمان ومن ذاك المكان ما يسعد نفسي ويبهجها، أنتقي الأحلى، أعمد إلى الرحيل إلى الوقت الذي عرفت فيه فوزي وأحببتُه”.
الأديب عبد الكريم الخير آخر المشاركين، عضو اتحاد الكتّاب العرب، صدر له: البحث الأزلي “رواية” والكشف أيضاً “رواية” إضافةً إلى مجموعات قصصية عديدة منها: قابيل يا ولدي، الطابور، نجوم الظهيرة، ذاكرة المواجع ودراسات نقدية وأدبية ورواية “أرباب من ورق” قيد الطبع.
وقد قدّم قصة عنوانها “ولدت الفرس” كتبها منذ ثلاثة أعوام وللضرورة اختصرها إلى شكلها الحالي وتدور فكرتها حول استعانة الحاكم بثقة الناس به ومن ثم يتناساهم والمهرة التي تظهر في نهاية القصة هي حلم سوريا الجديدة، ومنها اقتطفنا المقطع التالي: “راح عامر يستعرض فرسه الحمراء القانية بقوامها الممشوق وحيويتها المدهشة وقدرتها على التجاوب مع فارسها الذي يمعن بالتلاعب بحنكته الفائقة ويدعي أنه استطاع تطويعها وتنمية مميزاتها حتى وصلت لهذا المستوى الرفيع”.


