محاضرة طه زوزو في جمعية العاديات باللاذقية حول مخاطر الحرب النووية

الوحدة_ د. رفيف هلال
أقامت جمعية العاديات في اللاذقية محاضرة حيوية قدّمها الأستاذ المحامي طه زوزو تحت عنوان “تأثيرات الحرب النووية على الطبيعة والإنسان”، حيث قدّم المحاضر عرضاً تاريخياً وعلمياً موجزاً تناول فيه جذور السلاح النووي وتطوراته، ثم انتقل إلى استعراض تبعاته المحتملة على البشر والبيئة بكافة أبعادها.
افتتح الأستاذ طه زوزو استطراداً تاريخياً يوضح كيف تحوّل السلاح عبر عقود من وسيلة لتأكيد التفوّق العسكري إلى أداة ردع استراتيجية. استذكر القصف الذري لهيروشيما وناجازاكي كنقطة انطلاق لحقبة نووية جديدة، ومن ثم تصاعد سباق التسلّح الذي شهدته الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وانضمام دول أخرى لاحقاً إلى مدار القوى النووية بما في ذلك تجارب وتطويرات فاقت القنابل الذرية قوةً، مثل القنبلة الهيدروجينية، وانتشار القدرة النووية في مناطق شتى من العالم.
ركّز الأستاذ زوزو في جوهر محاضرته على النتائج المحتملة لحرب نووية، مؤكداً أن الأمر لا يقتصر على الخسائر البشرية الآنية وحدها. فبالإضافة إلى عدد كبير من الضحايا والجرحى والكسور والإصابات الحادة، قد تُحدث التفجيرات النووية موجات من الآثار العابرة والممتدة: تنتشر الغبار والجزيئات المشعة في الغلاف الجوي، ما قد يعرقل وصول ضوء الشمس ويؤثر في أنماط المناخ والزراعة، ويؤدي إلى انهيار سلاسل إمداد الغذاء والأنظمة البيئية. كما أشار إلى أن تأثير الإشعاع يمتد ليطال الحيوانات والنباتات، ويغيّر مواطن الحياة على نطاق واسع.
وتناول المحاضر في جمعية العاديات أيضاً سيناريوهات الكارثة المتسلسلة، حيث ذكر أن الصدمات البيئية قد تهيئ مظاهر طبيعية لم تكن متوقعة، مثل اضطراب النشاط الجيولوجي أو تبدّل الأنماط المناخية بطرق قد تزيد من تكرار الكوارث البيئية. ومع ذلك صاغ الأستاذ زوزو هذه الاحتمالات بصيغة قد يحدث، لا بصيغة الحتمية، مسلطاً الضوء على الطبيعة المعقّدة.
خلص زوزو إلى استنتاج عملي وسياسي: بعد عقود من التطوير والامتلاك، صار السلاح النووي في كثير من الأحيان أداة للردع أكثر منها سلاحاً للحرب المفتوحة. ورأى أن ثمن استخدام مثل هذا السلاح سيكون هائلاً وغير محصور بالجبهات أو الأطراف المتحاربة فحسب، بل سيمتد ليشمل البشرية بأسرها والبيئة التي تعتمد عليها الحياة. ومن ثمّ دعا إلى إدراك حجم المخاطر وضرورة العمل الدولي للحيلولة دون وقوع أي تصعيد نووي.
كانت محاضرة الأستاذ طه زوزو تذكيراً صارخاً بأن القدرة التدميرية النووية لا تنحصر في لحظة الانفجار فقط، بل تمتد آثارها على المدى البعيد لتشمل المناخ والموارد والأمن الغذائي والحياة البرية والإنسانية جمعاء. في ختام اللقاء شدّد المتحدث على أهمية سياسات تقليل المخاطر وسبل التعاون الدولي كخيار لا غنى عنه للحفاظ على مستقبل مشترك.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار