الوحدة – سناء ديب – ياسمين شعبان – رنا غانم – تغريد زيود
عاد ملف النظافة إلى أحضان البلديات من جديد، بعد انتهاء العقد مع مؤسسة “E-clean” لترحيل النفايات، ليجد المسؤولون المحليون أنفسهم أمام اختبار صعب، تحديات قديمة تتمثل في شحّ الآليات المتهالكة، ومشكلة نقص الوقود تعود إلى الواجهة، بينما تتصاعد شكاوى المواطنين من تراكم القمامة في بعض الشوارع والأحياء والقرى.
وفي محاولة للوقوف على هذا الملف وعودته للبلديات، أسبابه ،وأثاره، أجرت صحيفة الوحدة سلسلة من اللقاءات مع رؤساء عدد من البلديات في الريف، ومع مدير الإدارة المحلية والبيئة في اللاذقية، إضافة لمدير مؤسسة البيئة النظيفة “E-clean” في اللاذقية سابقاً، وكان التقرير التالي.
ترجع إمكانيات “E-clean”
*رؤساء بلديات: الوضع في الريف آليات متهالكة ونقص في الوقود.. “المواطن لا يرحم ومعه كل الحق”.
علي الخير رئيس بلدية عين العروس، أشار إلى ضعف إمكانيات المؤسسة السابقة “E-clean”، موضحاً أنهم طالبوها مراراً بتوفير سيارات صغيرة للعمل داخل الأحياء الضيقة دون استجابة، لعدم توفر الآليات لديهم، وأكد أن المواطن لا يرحم، ومعه كل الحق، حيث يتخوفون من أن القمامة المتراكمة بجوار المنازل تشكل خطراً صحياً يؤدي إلى انتشار الجرذان والحشرات الضارة، حيث يراجع العشرات من المواطنين البلدية يومياً خوفاً من هذه الآفات.
وكشف أن البلدية كانت تمتلك جرارين وسيارة ضاغطة، لكن أحد الجرارين تعرض للسرقة – وتم تنظيم محضر بهذا الشأن – والثاني قديم ومعطل، بينما تحتاج السيارة الضاغطة إلى صيانة وبطارية جديدة للعودة إلى العمل، موضحاً أن العمل حالياً متوقف لعدم توفر المحروقات، وأنهم مضطرون لانتظار تفعيل البطاقة وربطها بنظام “GPS”، محذراً من تراكم النفايات ضمن قرى البلدية وخاصة في الأزقة الداخلية.
فيما أشار عبد الله حسن رئيس بلدية بسين إلى أن مؤسسة “E-clean” كانت تساهم في ترحيل النفايات بشكل مقبول، لكن الوضع تراجع الآن، مضيفاً أن البلدية التي تخدم نحو ٨٥٠٠ نسمة، تنتظر أيضاً تفعيل البطاقات الجديدة وربطها بأجهزة “GPS” لاستئناف العمل، وخلص إلى القول: “عند انتهاء عقد الشركة وقعنا في أزمة لا نعرف كيفية الخروج منها، وشكاوى المواطنين لا تنتهي”.
عمار سليمان رئيس بلدة السفرقية توجه بالشكر لمؤسسة “E-clean” على جهودها ضمن الإمكانيات المتاحة، مشيراً إلى انتهاء عقدها، كاشفاً أن البلدة لا تملك سوى جرار واحد قديم ومتهالك يعمل منذ عام ١٩٩٠، وهو ما لا يكفي لخدمة سبع قرى وسبع مزارع يبلغ عدد سكانها ١٧٨٠٠ نسمة.
البلديات بحاجة دعم
أوضح سليمان أن المؤسسة السابقة حملت عبئاً كبيراً عن البلديات، رغم أنها اعتمدت على آليات الدولة المتهالكة وعمال النظافة التابعين للبلديات أنفسهم، مؤكداً على أن بلدته المترامية الأطراف بحاجة إلى أكثر من آلية لتقديم الخدمة بالمستوى المطلوب، معترفاً بأنه يقف عاجزاً أمام شكاوى المواطنين التي لم تتوقف حتى خلال فترة عمل الشركة بسبب نقص الآليات وعدم جاهزيتها.
وطالب سليمان بدعم كبير للبلديات يتمثل في توفير الوقود، وصيانة الآليات، وتقديم آليات جديدة، كاشفاً أن الوزارة تبحث دراسة واقع ملف النظافة وتقييمه في كافة المحافظات، وكشف أن طلباً قدّمته البلدة لصيانة الجرار واستبدال إطاراته وبطاريته، لم تتم الاستجابة له إلا بتقديم بطارية فقط.
بدوره، أكد المهندس يحيى حميشة رئيس بلدية مرج معيربان أن أداء الشركة السابقة لم ينل رضا الأهالي على الإطلاق وكانت الشكاوى كثيرة عليهم بشكل يومي، مضيفاً أن البلدية كانت تمتلك آليتين، إحداهما سيارة قلاب كانت تخدم قطاع البلدية بشكل جيد، لكنها تعرضت لحادث خلال عملها مع الشركة ولم يتم إصلاحها، بينما الآلية الثانية (جرار) قديمة، وتمنى صيانة السيارة المعطلة لتتمكن البلدية من تقديم الخدمة للأهالي بالشكل الأمثل.
الإدارة المحلية توجه بدعم البلديات
* علي عاصي: انتقال ناجح لملف النظافة من مؤسسة “E-clean” إلى البلديات وتفعيل نظام “GPS” على جميع الآليات.
وعن نقل ملف النظافة من مؤسسة “E-clean” إلى مجالس البلديات، أفاد مدير الإدارة المحلية والبيئة في محافظة اللاذقية السيد علي عاصي لجريدة الوحدة أن الأمر تم بتوجيه صادر عن وزارة الإدارة المحلية، بهدف تحسين جودة خدمات النظافة المقدمة، حيث يمثل هذا الإجراء منعطفاً إيجابياً واضحاً في طريقة إدارة هذا الملف الحيوي.
وقد أوضح عاصي أن انتقال الملف مهم وسيحقق منعكسات إيجابية، خاصة وأن الموظفين وآليات العمل التي كانت تعمل مع مؤسسة “E-clean” هي بالواقع تحت ملاك بلدية اللاذقية نفسها، مبيناً وقوع خلل في وقت سابق على تطبيق نظام “GPS” لآليات المؤسسة، إلا أن هذا النظام أصبح الآن مُفعَّلاً بشكل كامل، على كل الآليات، مما ساهم بشكل ملحوظ في رفع جودة العمل.
ونوّه عاصي إلى أنه ومنذ بدء نقل الملف، لوحظ تحسن كبير في واقع النظافة في المدينة، حيث تعود البلدية بخبرتها السابقة إلى الواجهة لتقديم خدمات أكثر فعالية، مدعومة أيضاً بآليات ثقيلة توضع في الخدمة في حالات النقص أو العجز.
وأكد عاصي أن مجلس المدينة لم يتوان في إرسال الآليات إلى المناطق الريفية لتلبية احتياجات النظافة هناك، خاصة بعد التأخير في نقل بطاقات الوقود للآليات هناك، الأمر الذي أثر على تزويدها بمادة الوقود بشكل مؤقت.
وأشار علي عاصي أن مجلس المدينة يسير بخطوات متقدمة لتطوير عمليات النظافة، حيث تم تفعيل آليات الشطف ضمن برنامج متكامل يشمل تنظيف الأسواق والساحات والدوارات ليلاً، كما تنطلق أعمال الكنس يومياً من الساعة الرابعة صباحاً وحتى السابعة صباحاً، لتشمل جميع شوارع اللاذقية، ختاماً شدد عاصي على أهمية التعاون بين البلديات والمواطنين من أجل تعزيز النظافة واستدامتها.
فصل ملف النظافة عن البلديات
* مدير مؤسسة البيئة النظيفة: هناك حاجة إلى وجود مديرية مستقلة تعنى بالنظافة بشكل كامل تمتلك آلياتها الخاصة ومواردها البشرية
بين مدير مؤسسة البيئة النظيفة الأستاذ أحمد إسماعيل حسين أنه بعد التحرير مباشرة تم تكليف مؤسسة البيئة النظيفة بمتابعة ملف النظافة في عدة محافظات منها طرطوس واللاذقية، حيث عملت المؤسسة على الحفاظ على نظافة المدن والبلدات والقرى المكلفة بها من خلال الترحيل اليومي للنفايات، والعناية بالحدائق والمساحات الخضراء، إضافة إلى رش المبيدات في أوقاتها المحددة.
وبعد فترة من الزمن وبسبب الترتيب الإداري بين وزارة الإدارة المحلية وإدارة المؤسسة تم إيقاف عمل البيئة النظيفة في الساحل السوري وباقي المحافظات مع بقائها في إدلب وبعض مناطق من دمشق، وإعادة ملف النظافة إلى البلديات لتتولى إدارته كما كان في السابق، فاستلمت البلديات هذا الملف في مدينتي اللاذقية وطرطوس، وأصبحت هي الجهة المسؤولة عن تسيير العمل حالياً، غير أن التجربة أثبتت أن فصل ملف النظافة عن مهام البلديات أدى إلى نجاح ملحوظ، سواء في المدن الساحلية أو في إدلب، إذ تحقق تركيز أكبر على النظافة وارتفع مستوى الاستجابة لاحتياجات المجتمع، في حين أن الجمع بين مهام البلديات المتعددة من طرق وأرصفة وأبنية وخدمات عامة وبين ملف النظافة جعل الاهتمام بالنظافة يتراجع أمام أولويات أخرى.
وأكد الأستاذ أحمد أنه انطلاقاً من هذه التجربة تبرز الحاجة إلى وجود مديرية مستقلة تعنى بالنظافة بشكل كامل، تمتلك آلياتها الخاصة ومواردها البشرية وبرامجها التنفيذية الواضحة، بما يضمن استمرار نجاح هذا العمل والوصول إلى مستوى أعلى من الخدمة، فقد لمسنا خلال تجربتنا في إدلب والساحل السوري أثراً إيجابياً كبيراً وتفاعلاً واسعاً من الأهالي، حيث تمت معالجة الشكاوى بسرعة وكفاءة، وبرز تجاوب ملحوظ من المجتمع المحلي الذي شعر بجدوى هذا الجهد وأهميته في حياته اليومية.
أخيراً قال الأستاذ أحمد نأمل أن تستمر هذه التجربة الناجحة وأن تتمكن البلديات من تحمل مسؤوليتها في هذا الملف الحيوي، ليبقى مستوى النظافة في مدننا وقرانا على درجة تليق بأهمية هذا الجانب.


