الوحدة – تمام ضاهر
أكد عميد كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الهادي الرفاعي لـ«الوحدة» أن معرض دمشق الدولي يعد أبرز الفعاليات الاقتصادية في سورية منذ عقود، وأن استئناف إقامته بشكل منتظم بعد توقفه لسنوات يمثل رسالة داخلية وخارجية مفادها أن البلاد بدأت تستعيد الاستقرار وتشُق طريقها نحو التعافي الاقتصادي رغم كل التحديات.
وأشار الدكتور الرفاعي إلى أن إقامة المعرض في ظل الظروف الدولية الحالية والعقوبات الاقتصادية الجائرة، تشكّل محاولة لكسر العزلة المفروضة على سورية، وإعادة ربطها بالأسواق الإقليمية، ولاسيما مع الدول الصديقة أو المحايدة، فضلاً عن جذب الاستثمارات الخارجية.
وأوضح أن المعرض منصة حيوية للشركات السورية، العامة والخاصة، لعرض منتجاتها، والتواصل مع العملاء، وتوقيع عقود جديدة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على دوران عجلة الإنتاج في القطاعات الصناعية والخدمية.
ولفت إلى التأثيرات الاقتصادية المباشرة للمعرض على تحفيز الحركة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، من خلال زيادة الطلب على الخدمات اللوجستية، والنقل، والفنادق، والمطاعم، بما ينعش القطاع الخدمي ويؤمن دخلاً إضافياً للعاملين فيه. كما يتيح المعرض فتح أسواق جديدة للصناعة المحلية، ويمنح الصناعيين السوريين فرصة لقاء شركاء جدد وتصدير منتجاتهم، ما يدر عملة صعبة على البلاد ويسهم في التخفيف من أزمة القطع الأجنبي.
وبيّن الرفاعي أن المعرض يتيح كذلك فرص نقل التكنولوجيا والمعرفة عبر التواصل المباشر مع شركات أجنبية، بما يساعد الشركات المحلية على الاطلاع على أحدث التطورات التكنولوجية والصناعية وتطوير عملياتها الإنتاجية. كما يخلق المعرض فرص عمل مؤقتة مرتبطة بعمليات التنظيم والبناء والأمن والخدمات، ما يوفر دخلاً لعدد من الأسر، إلى جانب كونه دفعة معنوية للمجتمع السوري تعكس عودة النشاط الاقتصادي رغم الصعوبات.
وأكد أهمية المعرض في دعم الإنتاج المحلي والصادرات، لكونه منصة رئيسية لتسويق المنتجات السورية كالمنسوجات والمواد الغذائية والمنتجات الكيماوية والأدوية، مشيراً إلى أن زيادة الصادرات تحسن الميزان التجاري وتقلل العجز، بينما يسهم عرض بدائل محلية للمنتجات المستوردة في تقليل الحاجة للاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة.
وأضاف أن المعرض يستهدف أيضاً جذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات إعادة الإعمار والصناعة والخدمات، بما يسهم في تأسيس صناعات جديدة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الجزئي، وخلق فرص عمل دائمة، وهو ما يعيد التوازن لاقتصاد طالما اعتمد بشكل كبير على الاستيراد.
وفي المقابل، رأى الرفاعي أن هناك تحديات تعيق مشاركة بعض الدول والشركات الكبرى نتيجة العقوبات الدولية التي تمنع العديد من الشركات العالمية والأوروبية والأمريكية من التعاون مع نظيراتها السورية، وهو ما يحد من الفائدة المرجوة ويجعل المعرض أقرب إلى فعالية إقليمية. كما أشار إلى التساؤلات المثارة حول تكلفة إقامة المعرض في ظل شح الموارد، وما إذا كانت عائداته الفعلية تتناسب مع نفقاته.
واختتم عميد كلية الاقتصاد تصريحه بالتأكيد على أن معرض دمشق الدولي أكثر من مجرد فعالية اقتصادية، فهو رسالة سياسية ورمز للصمود الاقتصادي، مشيراً إلى أن تأثيره الإيجابي يتمثل في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، وفتح قنوات تسويقية إقليمية، وتعزيز الروح المعنوية. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن تأثير المعرض يظل محدوداً في ظل العقوبات الدولية الشاملة والظروف الاقتصادية الصعبة، إذ لا يمكن له بمفرده أن يحقق توازناً اقتصادياً حقيقياً، غير أنه يمثل إحدى الأدوات المهمة ضمن سياسة التعافي الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة السورية، وخطوة في طريق طويل وشاق لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، فيما يُقاس حجم نجاحه الحقيقي بالعقود والاستثمارات التي يثمرها بعد اختتام فعالياته.