الوحدة 1-2-2025
يعد الإيقاع الطبيعي للتنفس ضرورة قصوى لإبقاء أنسجة الجسم بعيدة عن التلف والشيخوخة، ويتعلق الأمر بجميع مراحل الحياة، ونحن هنا لانقصد تلك الصعوبات الناجمة فقط عن مرض ما يصيب المجاري التنفسية أو الرئة، بل تلك التأثيرات المختلفة البيئية والنفسية التي من شأنها أن تجعل إيقاع التنفس أقل قدرة على أكسدة الخلايا.
وأول شيء يجب الانتباه إليه بهذا الصدد هو التعامل مع العلامات التي قد تبدو غير محسوسة للوهلة الأولى، والتي تشير في غالبيتها إلى وجود عطب ما يعطل جريان الهواء من وإلى الرئة، ويضعف حويصلاتها على مدى فترات طويلة من المعاناة غير المحسوسة.
ولاستعراض الأمر يتوجب، كما هو الحاصل بناء على مبادئ الطب الحديث، الإشارة إلى المعوقات الفيزيولوجية التي تجعل إيقاع التنفس في حالة اضطراب أو تلك التي تمنعه خلسة من أدائه الطبيعي، فحين يسعل أحدنا أو يبصق أو حين يلهث عند أداء أبسط المجهودات يظهر على الفور رد فعل جسدي يتمثل في بوادر الإجهاد،
وحين نصاب بحالة توتر نفسي وعدم ارتياح عاطفي تقل تغذية حويصلات الرئة بما اعتادته من كمية الهواء لسبب بسيط
ضيق التنفس (قد يصيب الرئتين
بقصور مزمن)، وهو أن لمثل هذه الحالات تأثيراً ضاراً في التنفس العميق، وقد أثبتت تجارب كثيرة أن حالات الهدوء أو الاستماع إلى الموسيقى أو التنعم برؤية منظر طبيعي مبهج يزيد هذه الكمية بما لايقل عن 30 %، هذا إذا استثنينا حالات الفرح والارتياح العميق التي تعيد إلى الراشدين قدرة عميقة على التنفس تشبه قدرة الأطفال الأصحاء.
وأياً كانت عليه سبب إعاقة التنفس، فإنه من الأفضل استشارة الطبيب من دون إبطاء، لأن بعض الإصابات التي تطال جهاز التنفس بشقيها الفيزيولوجي والنفسي تبقى غير منظورة، لذا تصبح عرضة للإهمال إلى أن تتراكم الأضرار ليطل مرض عضال برأسه فجأة.
وعندما يصاب أحدنا إثر نزلة برد شديدة بمرض التهاب الشعب الهوائية الانسدادي والمزمن، يمكن بمرور الوقت وبسبب إهمال العلاج أن يتحول الأمر إلى حالة خطيرة قد تتطور إلى مايشبه (الربو الشعبي)، أصبحت هذه الظاهرة شديدة الانتشار في غالبية بلدان العالم، لأسباب لا يمكن معها تبرئة التلوث من جهة، وطبيعة السكن وأساليب التهوية ومقاومة ما تفرضه الطبيعة من ظروف جوية بالالتحاء إلى أساليب حضارية كالتكيف والمبالغة في ارتداء الملابس أو الاستحمام المتواتر.
ويعد الربو الشعبي في أساسه مرضاً التهابياً يصيب المجاري التنفسية والشعب الضيقة، ولكن عند اندلاع الأزمة تتسبب في صعوبة مرور الهواء إلى جزء من عناقيد الحويصلات الرئوية وهو ظاهرة تختلف عن أزمات الربو الدائم، وقد تكون أعراضها على هيئة سعال جاف وصعوبة في استنشاق الهواء وصعوبة في التنفس، يتبعها إرهاق وحرقة العين وانهمار الدموع وجريان الأنف وآلام في الحنجرة والعطاس المتواصل والصداع العنيف، إضافة إلى تغير في لون الوجه وظهور هالة حول العين وعدم القدرة على أخذ نفس عميق. وبما أن هذه الأعراض لا تأتي مرة واحدة، تكون المراقبة الطبية والاستشارات المتباعدة هي الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه للتعرف إلى تطورات الربو الشعبي.
لمي معروف