الوحدة 30-12-2023
قبل ذلك اليوم الشقي بعدّة ساعات مُتراكمة، تجتمع فيه محصّلة كبيرة من الأرقام الثقيلة التي وقعت على مُقدرات الحياة واستمراريتها، فغالبية أبناء الحياة يتمنون أن يكون هذا اليوم كغيره من الأيام العابرة، أسئلة كثيرة تنتظر أجوبة مُقنعة .. لماذا هذا التهويل المتكرّر بآخر أيام السنة؟ فهو لم يحمل سوى المآسي وويلات التفكير، بالإضافة لمضي عام من عدّاد حياة الجميع، خلال هذا اليوم الأخير سيكون الجميع منغمساً في بوتقة التحضير لتلك الساعات المجنونة، على نمط غريزة القطيع، لكن هيهات من الدخول في عالم الأسواق التي باتت عبارة عن أمكنة موحلة للكثيرين، أصحابها لا يبالون بغيرهم، التزموا بعملية التقليد و “تشليف” الأرقام، كل الأسعار والسلع في حالة صعود، أصبحنا ضمن غابة مظلمة مجهولة، لا رقابة تردعها .. حلقة مترابطة تبدأ من أهل الأرض (الفلاحين) حيث أصبح لديهم قناعة أن بضاعتهم هي لعبة محضة أفرادها المتصارعون هم تجّار السوق وأبناء جلدتهم من المستهلكين الخاسرين سلفاً. في الأسواق والمحال أصبح كل شيء مباحاً، لن ندخل في صلب الّلحوم لأن أسعارها غير جديرة بالاحترام، فقد أصبحت تتحدث جميع لغات العتب والشتم .. أسواق المدينة تعجّ بالمتسوّقين، ومواد المحال التجارية تصفع الزبائن بأسعار فلكية، تحديداً البندورة، بعضهم وضع سعرها بشكل مخفي ب ٩٠٠٠ ل.س أو ١٠٠٠٠ليرة، وداخل الأسواق الكبيرة تتأرجح عند ال ٨٠٠٠ ل.س، أمّا البطاطا فمقبولة نوعاً ما، أسعارها ضمن حدود ٤٠٠٠ ل.س، والبصل اليابس الفاكهة المشوية أسعاره عزيزة جداً تراوحت عند ٦٠٠٠ ل.س، والفريك ٤٥٠٠ ل.س، أمّا الخيار والفاصولياء فيحملان نفس الرقم ١٣٠٠٠ ل.س، والحديث يطول عن أسعار المواد الأخرى .. لذلك، وخلال هذه الّلحظات المريرة كلٌ يغني على ليلاه داخل الأسواق، وأصحاب الدخل المحدود يغنّون على نهاية تلك الّليلة الطويلة التي حرقت جيوبهم وأدمت كبريائهم بين متطلبات أبنائهم والسير مع تقاليد سنوية باهظة الثمن.
سليمان حسين